المزيد من الأخبار






مسرحية "بوزيان ذ ربيعية".. تحفة فنية لأحمد علاوي وبشرى السغيري تأبى النسيان


مسرحية "بوزيان ذ ربيعية".. تحفة فنية لأحمد علاوي وبشرى السغيري تأبى النسيان
ناظورسيتي: ع ك

ربع قرن مر على أشهر مسرحية صوتية بالريف "بوزيان ذ ربيعة ذ رشواغذ أوليمان"، ولا زالت الأجيال تتذكر أبرز رسائلها والمواضيع التي ناقشها الفنانين أحمد علاوي وبشرى السغيري بموضوعية عالية الدقة وفي قالب فكاهي جعل أغلب الأسر يرددون عباراتها ومعانيها في جلسات العائلة والأحباب والأصدقاء نظرا لحمولتها الثقافية ومعالجتها لموضوع الساعة آنذاك حين كان الشباب يبحثون عن الهجرة عن طريق الزواج بفتيات يقمن في ديار المهجر وذلك كهدف أولي يروم تغيير الواقع المعيشي لأبناء المنطقة الذين لم يجدوا أمامهم فرص شغل تجعلهم يشعرون بالاستقرار والأمن الاجتماعي.

في سنة 1998، أنتجت شركة "ديسكو مليلية" أول شريط سمعي لمسرحية ألفها آنذاك المسرحي عمر بومزوغ، وجسد شخصية بوزيان ابن أزغنغان أحمد علاوي، والفنانة بشرى السغيري، فيما لعب فيها قيدوم الفكاهيين في الريف ميمون زنون دور "أمذياز"، وهي أدوار أداها أبطال هذه التحفة الفنية باحترافية ومهنية مكنتهم من دخول قلوب مختلف الشرائح المجتمعية بالريف داخل وخارج أرض الوطن.

ونظرا للنجاح الذي لقيته المسرحية الصوتية نهاية القرن العشرين، وانتشارها بشكل واسع لتصبح بعده كأفضل تحفة فنية تجتمع حولها الأسر بمنطقة الريف لاسيما خلال فترات الصيف موسم عودة أبناء الجالية إلى مسقط رأسهم، تحول السيناريو إلى عمل على الركح جسده كل من الطيب المعاش و لويزة بوسطاش، وهو العمل الذي لقي إشادة واسعة من طرف الجمهور بعد تنظيم العرض على 16 خشبة بالمغرب.


وواصلت المسرحية انتشارها نظرا لنصها الذي يجعل من يستمع إليها عبر جهاز "الراديو كاسيط"، ليقتبس بعده الفكرة الفنان المرحوم سلام الريفي، صانعا من بعض العبارات التي رددتها ربيعة وبوزيان أثناء إعلان الفراق وعودة البطل إلى بلدته بتمسمان لعدم تحمل الاهانات اليومية التي يتعرض لها من طرف زوجته مقابل حصوله على وثائق الإقامة، (صانعا منها) أغنية تعاقبتها الأجيال إلى يومنا هذا نظرا لموضوعها الاجتماعي المرتبط أساسا بالهجرة.

وعودة إلى القصة، فإن المسرحية تبتدئ بنقاش بين البطل أحمد علاوي "بوزيان" ووالدته حول رغبته في الهجرة، وحسرة هذه الأخيرة على فراق ابنها وتخليه عن مسقط رأسه بتمسمان التي عرفت آنذاك بعيش شبابها حالة من الاحباط لانعدام الدخل فيها وانخراطهم في أعمال الفلاحة المعيشية وتربية الماشية لمساعدة آبائهم.

ويتناول عرض المسرحية، نقاشا مطولا بين بوزيان ووالدته التي اقتنعت بضرورة هجرته لضمان حياة أفضل، إلا أن المفاجأة ظهرت معالمها بعد تمكن البطل من الزواج بربيعة والسفر معها إلى ألمانيا، لتبتدئ بعده فصول الإهانة بعدما تحول الزوج إلى خادم في بيت رفيقة دربه والتنازل عن كرامته كوسيلة لربح الوقت إلى غاية الحصول على وثائق الإقامة.

وتمكن الحوار المتقن بين بطلي المسرحية الصوتية، من جعل المستمتع يصنع مشاهد كثيرة في مخيلته، من بداية القصة إلى نهايته المأساوية بعدما قرر بوزيان العودة إلى بلدته تمسمان لعدم قدرته على تحمل إهانات الزوجة المتسلطة، ناهيك عن مواضيع هامشية ناقشت الأمازيغية والهوية والتيار الإسلاموي من خلال أقوال الفقيه "سي علال" و منع السلطة للأسماء الأمازيغية بدعوى أنها أجنبية وليست عربية، والهجرة السرية وقضايا كثيرة عاشها المجتمع الريفي بداية في التسعينيات، ضمنها ظواهر لا تزال مستمرة بالرغم من مظاهر العولمة والعصرنة التي بدأت تستهدف قيم مجتمع الريفي يوما بعد آخر.

وبالرغم من قدمها واستهلاك مضمونها مع تعاقب الأجيال، فإن المسرحية ونظرا لفرض نفسها واستئثارها بالأجيال منذ التسعينيات، فإنها بحاجة إلى حفظها كجزء من التراث والذاكرة المحلية، وذلك من خلال إعادة انتاجها في قالب معاصر من خلال الأعمال الفنية والتلفزية لشركات الانتاج بالريف، لكونها عمل سيظل لصيقا بالمخيال الريفي ما دامت ظاهرة الهجرة بمختلف أشكالها مستمرة ولم تحد السياسات العمومية من انتشارها.



تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح