المزيد من الأخبار






رمسيس بولعيون يكتب… عبد اللطيف وهبي… رجل تحبه النساء وتكرهه الضرائب


رمسيس بولعيون يكتب… عبد اللطيف وهبي… رجل تحبه النساء وتكرهه الضرائب
بقلم: رمسيس بولعيون

رجل لا يملك فيلا… لكنه يملك خيالًا عقاريًا لا تسعه قوانين التعمير

في خضمّ الأزمات الاجتماعية والجدالات القانونية وملاحقات الفساد، خرج علينا وزير العدل المغربي بتصريح لا علاقة له بالسياسة، لا من قريب ولا بعيد.
تصريح بسيط، شخصي، عاطفي… لكنه أحدث دوّامة أكبر من تلك التي أحدثتها ملفات القضاء الرقمي والمحاماة والضرائب.
قال الرجل، في نبرة الواثق من نفسه:
“المرأة خدامة في الدار، وعلاش ما نشريش ليها؟”

كانت تلك العبارة كافية لتحويله من وزير في الحكومة إلى “بطل رومانسي” تتغزّل به الصفحات الفيسبوكية النسائية، وتنسج عنه بعض التعليقات أساطير النبل الزوجي.
بعضهن كتبن: “لو كان وهبي في حياتي لما غسلت صحناً دون عقد هبة.”

هكذا، وبدون سابق إنذار، أصبح رجل السياسة هو نفسه رجل الأحلام.
لا بسبب برنامجه الانتخابي أو إنجازاته التشريعية، بل فقط لأنه أعاد الاعتبار لمقولة قديمة:
“خدمة الدار ماشي عيب، والفيلا ماشي مستحيلة.”

النساء اللواتي كُنّ يُطالبن بتقنين الإرث وتجويد مدونة الأسرة، صرن الآن يطالبن بتقنين الهدايا العقارية.
الزوجة التي كانت تُعتبر في النقاشات الفقهية “مأجورة عند زوجها بلا أجر”، أصبحت الآن “ذات استحقاق عقاري.”
ونحن بدورنا، أبناء الكراء، وأحفاد القروض البنكية، نظرنا إلى المسألة من زاوية أخرى:
هل نحن في حاجة إلى مراجعة النظام الضريبي… أم النظام العاطفي للوزراء؟

ففي المغرب، حين تمنح زوجتك فيلا بمليار، يصبح السؤال الضريبي تفصيلًا مملًّا.
فقط قل إن الحب هو الدافع… وستُغفر لك بقية التفاصيل.

ولذلك لم يكن غريبًا أن يخرج وهبي للدفاع عن نفسه لا بلغة القانون، بل بلغة القلب.
لا يستنجد بمستشار ضريبي ولا بتقرير المجلس الأعلى للحسابات، بل بمشاعره الزوجية.
الرجل يعتقد أن حبه لزوجته فوق الشبهات.
وأنه طالما كانت “خدامة في الدار”، فإن الفيلا تحية تقدير.
تحية، تكلّف مليارًا وشيئًا من الرخام الإيطالي.

بل إنه صاغ لنا نظرية جديدة في تدبير الحب والضرائب، حين قال بلا تردّد:
“أنا ديك الڤيلا شريتها و هديتها لمرتي في إطار تثمين عمل المرأة في المنزل حيت ماخداماش، وقيمت العقار باش بغيت، و ماخص نخلص عليها الضريبة و خا نمشيو معاهم تا للمحكمة لأنها هبة ماشي بيع و شرا.”

وهكذا، تحوّلت الهبة إلى فلسفة، والفيلا إلى بيان نسوي، والمحكمة إلى صالون عائلي فيه رائحة طاجين يوم الأحد.

وإذا كانت أغلب الحكومات تُكافئ الولاء بالحقائب الوزارية،
فهو يكافئ الملاعق المغسولة بالملكية العقارية.

وهنا نصِل إلى جوهر الحكاية…
كلما فتح عبد اللطيف وهبي فمه، سقطت نظريات الاقتصاد السياسي، وارتفعت مؤشرات الرغبة النسائية.
المرأة المغربية من طنجة حتى لكويرة لم تعد تحلم بشريك يكتب لها الشعر أو يعدّ لها القهوة، بل برجل يقول ببساطة: “هي خدامة في الدار… وعلاش ما نشريش ليها فيلا؟”

وهكذا، تحوّل رجل السياسة إلى رمز غرامي.
في زمن تُمنَح فيه النساء وردة في عيد الحب، وهبي يمنح زوجته عقارًا بمليار.
بلا مناقصة، بلا مجلس بلدي، بلا محضر جماعي.
مجرد علاقة زوجية… وصابون.

هذا ليس تصريحًا حكوميًا، بل قصيدة نثر عقارية.
ليس دفاعًا عن تضارب المصالح، بل تطابق في المشاعر.
إنه رجل لا يحتاج حملة انتخابية، يكفيه أن يُهدي فيلا ليكسب نصف الناخبين.

بل وأكثر.
منذ خرج تصريحه للعلن، تغيّر شكل النقاش النسوي.
نساء المغرب بدأن في صياغة شعار جديد:
#كن_مثل_وهبي.

وستُرفع لافتات في المسيرات المقبلة تطالب بإدراج بند جديد في عقد الزواج:
“الزوج يلتزم بمنح زوجته فيلا… أسوةً بوهبي.”

نحن أمام وزير لا يعد بمحاربة الفساد، بل بإعادة تعريف الحُب.
لا يتحدث عن دولة المؤسسات، بل عن مؤسسة الزواج باعتبارها مقاولة ذاتية تستحق التحفيز العقاري.
ولا يخشى المراجعة الضريبية، بل يبتسم ويقول: “مرحبا”،
كمن يفتح باب الفيلا لمفتش الضرائب وهو يرشّ عليه عطرًا.

أما المحامون الغاضبون، والقضاة الغاضبون، والرأي العام المتسائل، فمجرد خلفية ضبابية في صورة الحب الكبرى التي يرسمها الرجل.
“حتى القضاة عندهم نساء خدامين فالدار… وعلاش ما يشريوش ليهم؟”
قد يقولها ذات يوم، وسنصفّق.

وهكذا، تحوّل وهبي لڤالنتين مغربي، يُفتي في الضرائب بقدر ما يُحبّ زوجته، أو إلى نسخة مغربية من “كريستيان غراي”، لكن بنكهة الأصالة والمعاصرة العقارية،لا يربطك بقيود… بل يحرّرك بسند ملكية.

وفي هذه البلاد التي يُعتبر فيها الحصول على شقة 50 مترًا إنجازًا طبقيًا، جاء وهبي ليقول لنا:
“أحبّ زوجتك كما أحببتُ زوجتي… وامنحها فيلا.”

إنه ليس وزير العدل، بل أمير الرخام الإيطالي.
رجل لا يتقن صياغة القوانين… لكنه بارع في صياغة الوعد العقاري.

وإذا قرر الترشح مجددًا، فلا داعي لبرنامج انتخابي،
فقط عليه أن يهمس:
“كل مغربي متزوج بامرأة خدامة في الدار… له الحق في فيلا.”

وسنصوّت له.
ولو من السطح.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح