المزيد من الأخبار






رغم وفاته منذ ثمانيات القرن الماضي.. "شبح" الجنرال الدليمي يواصل إثارة رعب "قادة" الجبهة الانفصالية


ناظورسيتي -متابعة

اقترن اسم الجنرال الراحل الدليمي بالعديد من الانتصارات التي حقّقها المغربي في حروبه ضد جبهة البوليساريو الانفصالية في القرن الماضي.

وأسهم الدليمي بقوة في انتصارات الجيش المغربي في الصحراء المغربية ضد "قوات" الجبهة الانفصالية، وكان له حضور وازن في كل المراحل التي شهدتها قضية الصحراء، بدءا بالتحضير للمسيرة الخضراء التي أشرف عليها الملك الراحل الحسن الثاني، إلى تنفيذها، في نونبر 1975، ومن التصدّي لهجمات المرتزقة إلى محاصرة تحركاتهم، خصوصا بعد الشروع في بناء الجدار الأمني العازل، الذي كان الدليمي واحدا من مهندسيه.

وووُلد الدليمي في سيدي قاسم في 1931 وكان أحد الضبّاط الشبان الذين دشّنوا مسارهم العسكري في بدايات عهد الاستقلال. وإثر وفاة الجنرال أوفقير، في أعقاب فشل المحاولة الانقلابية في 1972، تصدّر اسم الجنرال الدليمي واجهة الأحداث إلى درجة أنه صار يوصف بـ"الملك غير المتوج".

وكان تكتّم الدليمي وولاؤه مفتاحه لتولّي مسؤوليات عسكرية وأمنية رفيعة، إذ كان، قبل وفاته، كبير الجنرالات المرافقين للملك الراحل الحسن الثاني، وهو المنصب الذي يعادل رئاسة "أركان الجيش" و"المستشار العسكري للملك" معا.

وجذب اسم أحمد الدليمي الأنظار بقوة أكبر حين قرر الملك الراحل الحسن الثاني تنظيم المسيرة الخضراء (1975) رغم أن الجيش المغربي لم يكن في تلك الفنترة مستعدّا لخوض غمار حروب طويلة مع جارته الشمالية إسبانيا، التي كانت تحتلّ الصحراء المغربية.

وتعرّض أفراد الجيش المغربي لتصفية واسعة خلال المحاولتين الانقلابيتين الفاشلتين في بداية السبعينيات. وتمخّض عن فشل المحاولتين إعدام عدة جنرالات وضباط كبار، إضافة إلى اعتقال العشرات وتسريح المئات. وسيكرت أدواء عدم الثقة بين أفراد الجيش وقيادته العليا، التي كان على رأسها الملك الراحل الحسن الثاني.

وكان المغرب أول بلد في التاريخ يخوض جيش النظامي حربا طويلة الأمد دون "وزير حرب" وقيادة عسكرية عليا.. وكان التنسيق في بداية الحروب مع الانفصاليين يتمّ مباشرة بين الملك الراحل وبعض كبار قادة الجيش، الذين كان يتم تكليفهم بمهام محددة. وكان الدليمي ممن كان الملك الراحل ينسّق معهم. وكان حينئذ لا يزال بمرتبة "عقيد" ولم تتم بعدُ ترقيته إلى رتبة رتبة "جنرال".

واشتهر العقيد أحمد الدليمي، خلال فترة الحرب الأولى كقائد ميداني للقوات المسلحة المتمركزة في الصحراء. وسيعود اسمه، في 1979، ليتصدّر واجهة الأحداث بعدم أن انسحبت موريتانيا من منطقة "واد الذهب". وفي يوم خروجها كانت أول فيالق الجيش المغربي قد دخلت مدينة الداخلة ونشرت قواتها في المناطق التي كانت القوات الموريتانية تنسحب منها.

وفي 1980 وجدت القوات المغربية، بقيادة الدليمي، نفسها أمام مهمة حماية وحراسة الصحراء، التي تقدر مساحتها بما يناهز 270 ألف كيلو متر مربع. وهنا غيّر الجنرال الدليمي خططه الحربية، فتقرر خروج قوات الجيش من المدن وتشكيل أحزمة أمن خارجية لحراستها.


وبعد أن ظهرت أولى نتائج الخطة الجديدة، بدأ التفكير جديا في بناء جدار أمنيّ طويل في الصحراء. ويروج في هذا الصدد أن بناء هذا الجدار كان من اقتراح أجهزة مخابرات أجنبية.

في هذه الظروف بدأت حرب جديدة هي "حرب" بناء الجدار، التي استمرت سبع سنوات (من 1980 إلى 1987). وخاضت هذه الحربَ ثلاثة فيالق مدرعة، هي "الزلاقة" و"لاراك" و"أحد". وكان كل فيلق منها يتكون من 20 ألف فرد.

وبدأ بناء أول جدار أمني في 1980 حول محور بوجدور -السمارة -بوكراع. وبعد نجاح تجربة الجدار، بدأت القوات المسلحة الملكية المغربية تستعيد سيطرتها على أرض المعركة.

لكنْ في أوج انتصاراتها في الصحراء ستُعلن الوفاة المفاجئة للجنرال أحمد الدليمي، في "حادثة سير" في مراكش.

وقد أشادت بانتصارات وحروب الجنرال الدليمي في الصحراء جهات رسمية في الدولة. وكان أبرز هذه الاعترافات ما أفاد به البلاغ الصادر عن وزارة التشريفات والقصور الملكية والأوسمة بتاريخ 27 يناير 1983، بعد ساعات من وفاة الدليمي. وأشاد البلاغ ببطولات الجنرال في الصحراء ووصف وفاته بأنها "خسارة للشعب المغربي"، نظرا إلى الانتصارات التي حققها.

ومن جانبه، وصف مؤرخ المملكة في ثمانينيات القرن الماضي الجنرال الراحل الدليمي بأنه "كان ضابطا محاربا وسياسيا محنّكا وملتزما بوطنيته ويتمتع بثقة الملك وأدى مهمته في الصحراء بكفاءة عالية وعزيمة قوية"..

وقد تبلورت هذه الثقة أحيانا، بحسب مؤرخ المملكة"، في تمثيل الملك الراحل عسكريا ودبلوماسيا. فمن الناحية العسكرية حدث أن قام مقام القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبأمر منه، بتوشيح مجموعة من الضباط بـ"بالم دور" وضباط الصف والجنود بأعلى الأوسمة العسكرية".

وحتى الآن ما زال ذكر اسم الجنرال الدليمي "الرّهبة" في نفوس العديد من "قيادات" الانفصاليين، خصوصا القدماء ممن عانوا الأمرّين في عهد الحسن الثاني والجنرال الدليمي.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح