
محمد بدواود*
اكتسحت التكنولوجيا الحديثة وسطنا التراثي الشعبي و الغت تلك الحياة الشعبية التي كانت تنعم بتقاليد و عادات كثيرة ، خاصة ما كان يتعلق بحياة الاطفال و هم في الصغر . موضوع اليوم ، موضوع العاب الاطفال في الريف الأوسط ، خاصة منطقة ايث ورياغر . اكد ثلة من الباحثين على ان العاب الاطفال القديمة كانت تمنح للأطفال عدة امور ، و تعلمهم على المنافسة و الاجتماع مع الاخر ، عكس وسائل التكنولوجيا الحديثة التي جعلت اطفال في عزلة و انطواء ،كذالك الحرمان من العلاقات الاجتماعية مع الاخر.
اندثرت كل الألعاب القديمة في الوسط الريف ، خاصة بات الجيل الصاعد لا يعلم عنها اي شيء ، بسبب اندثارها ، و هذا عائد إلى وسائل التكنولوجيا الحديثة. تنتهي مرحلة الفطام في السنة الثانية في الوسط الريف ، حتى في حالة طلاق الام ، و تجدر الاشارة الا ان الاب لا يمكن له طلب الحضانة الا بعد انتهاء هذه المرحلة.
ان امتنع الطفل عن شرب حليب اخر دون حليب الام ، ترسل الأم خبزة صغيرة و سلق بيضة الى الفقيه ، يضع هذا الاخير تعويذة داخل خبزة و أخرى على قشرة البيض ، كل هذا مقابل دورو واحد « نصف درهم» بعد هذا تقدم الام للطفل الخبزة و البيضة كي يأكلها الطفل معا ، و بعد هذا يتحقق المراد ، و يعرض الطفل عن حليب امه.
يتم تربية الأطفال حسب الطقوس الدورية للمجتمع الريفي ، و كل جنس الا و له طرقه الخاصة فيما يتعلق التربية . يداوم الاباء على مصاحبة الاطفال خاصة الذكور معهم يوميا ، من الامور التي تثير الانتباه ان الطفل الريفي يسمع كلمة ابيه ، و يستطيع الجلوس لساعات دون حركة ، و تأتي هذه المصاحبة كفترة تعلم و اكتساب .
جل الاطفال يلعبون عادة بشكل مشترك قبل سن السادسة او السابعة ، و بمجرد الوصول إلى هذا السن ، يتم ارسالهم فيها على حدى من اجل الرعي ، من هذه المرحلة و بل حتى قبلها تكون جل مفاهيم التمييز بين الجنسين قد رسخت في الدماغ ، و هذا ما يؤكد لنا ان كلا الطرفين لهم العاب خاصة بهم . وصولا لسن السادسة عشر من عمر الطفل ، يواصل هذا الاخير بمرافقة ابيه الى الاسواق و المساجد ، حيث يكون اكتساب مهارة ركوب البغال و الحمير .
من هنا بيداء الطفل الريفي في الانغماس داخل المجتمع و عالم الكبار ، و يكسب مهارات و مصطلحات تمكنه من مواصلة بناء شخصية قوية مثل أجداده. الاب في فترة الريفوبليك كان يعلم ابنه في بداية الأمر كيف يستعمل البندقية و كان هذا الامر في سن العاشرة ، و بمجرد الوصول إلى سن الثامنة عشرة تكون له بندقية خاصة به و يصبح ماهرا في استخدمها.
تنتهي مرحلة رعي الماشية في سن الثانية عشرة من عمر الاطفال ، حيث يشرع الاطفال الذكور بمساندة الاباء في اعمالهم الفلاحية و تشرع الاناث في مساعدة الامهات في اشغال المنزل.
اهتمت الكتابات الغربية ، خاصة الاسبانية بألعاب الاطفال التي تطلق عليها داخل المجتمع الريفي (Raayath) . ما يلاحظ بخصوص هذه الألعاب هو غياب مفهوم الروح الرياضية كما هي معروفة لدى المجتمعات الإنسانية ، المنافسة في جل هذه الالعاب تكون قاسية لا ترحم ، اي يمكن ان نقول بخلاصة ، الغاية تبرر الوسيلة. تعكس هذه الالعاب خاصة العاب الذكور المهام والاختصاصات الاجتماعية و السياسة المستقبلية ، خلافا لألعاب الاناث اللواتي لن يكون لهن اي دور سياسي على اية حال.
تعددت الالعاب داخل المجتمع الريفي منها ما هو للذكور والإناث ، و كذلك الكبار ، و تتخذ هذه الالعاب عدة اشكال و لها ادوار عدة ، نتطرق إلى اهم هذه الالعاب :
لعبة ذاحجورث«Thahjorth»: تستلزم وضع فريقين من اربعة الى خمسة اطفال ، يقفون مواجهين لبعضهم البعض تقريبا على مسافة 20 مترا. يبدئ اعضاء كل فريق برمي حجر بالتتابع كبيرا يوضع في مكان يتوسط الفريقان. بمجرد ان يتمكن احد اعضاء الفريق من اصابة الحجر و إسقاطه يعتبر فريقه فائزا ، و على الفريق الاخر حمل المنتصرين على ظهورهم و السير بهم الى الحجر الذي تم اسقاطه ، ثم العودة إلى نقطة الانطلاق ، و تبدء اللعبة من جديد.
لعبة هي «Hey» : لعبة منتشرة في الوسط الريف و كذالك عموم المناطق الامازيغية الاخرى . تتم ممارسة هذه اللعبة من طرف الاطفال و الشباب خاصة في الاعياد والمناسبات . تبدأ اللعبة ، بوضع المهراس الخشبي المستعمل لهرش الحبوب < Ididigh> مقلوبا على الارض ، يقوم احد اللاعبين بوضع يديه معا فوقه ، بينما يدور حوله عشرين فردا و هم يصيحون «هي» «هي»«هي» يحاول كل واحد منهم لمس المهراس ، بينما يقوم الحارس بالمقابل بصد المهاجمين ، و ركلهم على ظهورهم . ان تمكن احد اللاعبين بلمس المهراس للمرة الأولى دون ان يصيبه الحارس ، يتغير الصياح الى «خمس»«خمس»«خمس» و اذا لمسه للمرة الثانية يتحول الصياح الى « هرسة» « هرسة» « هرسة» و تصبح آنذاك مهمة المهاجمين هي لطم الحارس على الظهر ، بدل محاولة لمس المهراس. اما الحارس يبدئ في الدفاع و يهاجم المهاجمين عبر ركلهم في كل الحالات ، وخلال جميع المراحل ، الى ان يتمكن من اصابة احد المهاجمين ، فيتم إعادة المهراس الى وضعه الصحيح ويصبح المهاجم المصاب حارس . و تستمر اللعبة من جديد ، هي لعبة تحتاج إلى قوة جسدية قوية .
لعبة ذانوفرا « Thinufra» : ما يسمى بلعة الغميضة ، تجدر الإشارة الى ان المهراس الخشبي يستعمل ايضا في هذه اللعبة ، لكن على الطفل الذي يحرسه ان يغمض عينيه من اجل منح الآخرين فرصة الاختباء ، بعد الاختباء يبدئ الطفل بالبحث عنهم ، بينما يحاول الاخرون التسلل و لمس المهراس ، و ان تم لمسه دون ان يدري ، يبقى الحارس هو المنهزم ، لكن في حالة لمسه لأحد المختبئين فإن هذا الاخير هو الذي يصبح الحارس الجديد للمهراس.
لعبة القفز « Bismi lah Ankaca» : يقف الكل في شكل هندسي دائري ، و ظهورهم منحية ، يبدئ احد اللاعبين بي قول « باسم الله انقشا » و يقفز على ظهور زملائه الواحد تلو الأخر حتى ينهي الدورة ليسلم الدور الثاني للاعب الثاني ، و بمجرد انتهاء الجولة الأولى بيداء الجميع يصيح بقول « بسم الله قاش قاش » و تليها مرحلة ثانية بالقفز بنفس المراحل المذكورة أعلاه ، تبدأ الجولة الثالثة من القفز بالصياح « باسم الله الضربة» كل مشارك يقفز فوق ظهور رفاقه و في هذه المرحلة يتم الركل و استغلال الفرصة.
لعبة الوزير «Awzir » : لعبة تم الاعتماد فيها على مصطلحات سياسية مثل الملك و الوزير ، و ان صح التعبير فهذه اللعبة لها أبعاد سياسية بالمهام التي سيتم توكل الى الاطفال اثناء وصولهم الى مرحلة المراهقة و ما يليها داخل المجتمع الريفي . تبدأ اللعبة برمي زوج نعال اللعب في الهواء ، و تحدد طريقة سقوطهما على الارض الدور الذي يجب عليه تقمصه. في حالة كان وجه النعلين معا عند سقوطهما الى الاسفل يصبح ملك اي «Ajdjid». في حالة كان وجههما الى الاعلى يصبح اللاعب أنداك وزيرا اي «Awzir» . في حالة سقط احد النعلين و وجه الى الاسفل و الاخر الى الاعلى يصبح اللاعب كلب اي «Akzin» تبعا لهذه الأدوار و اتبعا لقوانين اللعبة ، يسأل الوزير الملك كم ضربة سيتلقى الكلب على اسفل قدميه ثم ينفذ اوامره.
لعبة السيارة اي «Atomubin» : انما هذه لعبة ليست للتباري و المنافسة و لا تعرف منهزما او منتصرا ، بل لعبة ابتكرها اطفال المجتمع الريفي ، و يعود تاريخها إلى الثلاثينات من القرن العشرين ، فقط التي عرفت اول دخول للسيارات الى المنطقة. عبارة عن علبة معدنية يتم جرها على الارض كالسيارة بواسطة خيط او عصا خشبية.
لعبة :«Pado» حيث تتم هذه اللعبة فوق شجرة التين او الزيتون ، يتسلق اثنان او فرد واحد الشجرة تبدء اللعبة بمحاولة اللاعبين الموجودين في الارض تسلق الشجرة لكن المتسلق الاول يقوم بركل المتسلقون مما يجعلهم النزول إلى الارض او الاستسلام و قول «Pado»
لعبة : «Olima» لعبة اشبه بالألعاب البوليسية ، حيث تتم عبر مسافة طويلة ، و غالبا ما يتكون الفريقان اكثر من اربعة عناصر ، حيث تختبئ الفرق في مكان خاص بها ، و ان شهد احد اللاعبين لعب من الطرف الآخر يقول كلمة «Olima» و هناك مكان يتوسط الفريقان يسمى بالسجن ، و يصبح اللاعب الذي امسك به مثل السجين على فريقه القيام بالمستحيل من اجل إنقاذه و هي لعبة غالبا ما يتم لعبها الا في اوقات الظلام حيث تصعب الرؤية.
كانت تلك الالعاب التي يمارسها الاطفال خاصة الذكور و التي يمكن القول انها لها خلفيات متعددة منها ما هو سياسي و هو اجتماعي ، و في نفس السياق يؤكد الباحث الامريكي دافيد هارت على ان كل العاب الاطفال في المجال الريفي الا و لها اهداف . اما العاب البنات فتركز اغلبها على المهارة اليدوية و هذه اهمها على سبيل الذكر لا الحصر :
لعبة «Arae awladi» : تمارس اللعبة من طرف البنات ، خاصة منطقة السهل في ايث ورياغر ، حيث تقوم كل فتاة بمسك اطراف ملابس التي امامها ، و بهذا يشكلن صفا طويلا ثم يلاحقن فتاة تحاول تفادي المجموعة المهاجمة. بمجرد إمساك الهاربة من طرف احدى فتيات المجموعة ، تصبح الهاربة ضمن المجموعة ، و ترجع الممسكة هاربة.
لعبة «Imzrakfan» : لعبة من اجل تسلية لتمضية الوقت ، يلعبها فردان او اكثر ، يتم الاستعمال حجيرات صغيرة و يكون عددها زوجي حولي اربعة او اكثر ، و كلما كثر العدد الا و أصبحت اللعبة اكثر تعقيد ، حيث تكون حجرة كبيرة مقارنة مع الباقي . تجمع الفتاة التي تبدأ اللعبة الحجيرات الصغيرة في قبضة يدها و تمسك بالحجرة الكبيرة نسبيا بين ابهامها و سبابتها ثم ترميها في الهواء. قبل ان تتلقف هذه الحجرة ثانية تكون قد رمت بباقي الحجيرات على الارض ، و تتمثل الخطوة الثانية في رمي الحجرة في الهواء و اخذ الحجيرات و اخذ احدى الحجيرات من على الارض الواحدة تلو الاخرى ، حتى اخير حجيرة. ان تمكنت بذاك دون اي خطأ تنتقل إلى المرحلة الثانية حيث يلزمها ان تأخذ حجيرتين من الارض كل مرة بدل واحدة. يجب على اللاعبة في كل مرة ان لا تلمس الحجيرات الأخرى و ان لا تسقط منها الحجرة المقذوفة في الهواء ، و ان أخطأت تسلم الفرصة للمنافسة الثانية ، حسب عدد اللاعبات.
لعبة «Thomast» : يستخدم فيها ايضا الحجيرات الصغيرة ، هي لعبة شبيهة بلعبة Pick up sticks الممارسة داخل البلدان الغربية.
لعبة «Pisso» : تنقسم هذه اللعبة حسب اشكال هندسية متعددة و تأخذها اما اعداد زوجية او فردية فعلى سبيل المثال «Pisso n ariba» الذي يضم سبعة ارقام ، حيث تقوم اللاعبة برمي حجارة في الخانة رقم واحد ، و تقوم بقذفها برجل واحد حيث تكون الرجل مرفوعة ، و هكذا تتم اللعبة وصولا إلى رقم سبعة ، تأخذ راحة في الخانة رقم سبعة ، و تقوم من جديد برمي الحجارة و قذفها بتلك الرجل التي كانت مرفوعة ، وصولا إلى رقم واحد ، و تنحني بظهرها و ترمي الحجارة ، و مكان سقوط الحجارة يكون بمثابة باحة للراحة .
كانت تلك اهم الالعاب التي يمارسها الاطفال ذكورا و إناثا ، التي عرفها المجتمع الريفي خاصة الريف الأوسط ، و كما يؤكد الباحثون في الشأن الأنثروبولوجي انها العاب لها خلفيات متعددة و التي تسمح للأطفال بالاندماج داخل المجتمع الريفي خاصة تلك التي تخص الذكور ، باتت كل الالعاب المذكورة مندثرة في الوسط الريفي ، و هذا عائد الى عدم الاهتمام بهذا التراث و كذلك دخول وسائل التكنولوجيا التي همشت كل التقاليد و العادات التي كان يزخر بها الريف .
طالب جامعي ، باحث في التاريخ.*
اكتسحت التكنولوجيا الحديثة وسطنا التراثي الشعبي و الغت تلك الحياة الشعبية التي كانت تنعم بتقاليد و عادات كثيرة ، خاصة ما كان يتعلق بحياة الاطفال و هم في الصغر . موضوع اليوم ، موضوع العاب الاطفال في الريف الأوسط ، خاصة منطقة ايث ورياغر . اكد ثلة من الباحثين على ان العاب الاطفال القديمة كانت تمنح للأطفال عدة امور ، و تعلمهم على المنافسة و الاجتماع مع الاخر ، عكس وسائل التكنولوجيا الحديثة التي جعلت اطفال في عزلة و انطواء ،كذالك الحرمان من العلاقات الاجتماعية مع الاخر.
اندثرت كل الألعاب القديمة في الوسط الريف ، خاصة بات الجيل الصاعد لا يعلم عنها اي شيء ، بسبب اندثارها ، و هذا عائد إلى وسائل التكنولوجيا الحديثة. تنتهي مرحلة الفطام في السنة الثانية في الوسط الريف ، حتى في حالة طلاق الام ، و تجدر الاشارة الا ان الاب لا يمكن له طلب الحضانة الا بعد انتهاء هذه المرحلة.
ان امتنع الطفل عن شرب حليب اخر دون حليب الام ، ترسل الأم خبزة صغيرة و سلق بيضة الى الفقيه ، يضع هذا الاخير تعويذة داخل خبزة و أخرى على قشرة البيض ، كل هذا مقابل دورو واحد « نصف درهم» بعد هذا تقدم الام للطفل الخبزة و البيضة كي يأكلها الطفل معا ، و بعد هذا يتحقق المراد ، و يعرض الطفل عن حليب امه.
يتم تربية الأطفال حسب الطقوس الدورية للمجتمع الريفي ، و كل جنس الا و له طرقه الخاصة فيما يتعلق التربية . يداوم الاباء على مصاحبة الاطفال خاصة الذكور معهم يوميا ، من الامور التي تثير الانتباه ان الطفل الريفي يسمع كلمة ابيه ، و يستطيع الجلوس لساعات دون حركة ، و تأتي هذه المصاحبة كفترة تعلم و اكتساب .
جل الاطفال يلعبون عادة بشكل مشترك قبل سن السادسة او السابعة ، و بمجرد الوصول إلى هذا السن ، يتم ارسالهم فيها على حدى من اجل الرعي ، من هذه المرحلة و بل حتى قبلها تكون جل مفاهيم التمييز بين الجنسين قد رسخت في الدماغ ، و هذا ما يؤكد لنا ان كلا الطرفين لهم العاب خاصة بهم . وصولا لسن السادسة عشر من عمر الطفل ، يواصل هذا الاخير بمرافقة ابيه الى الاسواق و المساجد ، حيث يكون اكتساب مهارة ركوب البغال و الحمير .
من هنا بيداء الطفل الريفي في الانغماس داخل المجتمع و عالم الكبار ، و يكسب مهارات و مصطلحات تمكنه من مواصلة بناء شخصية قوية مثل أجداده. الاب في فترة الريفوبليك كان يعلم ابنه في بداية الأمر كيف يستعمل البندقية و كان هذا الامر في سن العاشرة ، و بمجرد الوصول إلى سن الثامنة عشرة تكون له بندقية خاصة به و يصبح ماهرا في استخدمها.
تنتهي مرحلة رعي الماشية في سن الثانية عشرة من عمر الاطفال ، حيث يشرع الاطفال الذكور بمساندة الاباء في اعمالهم الفلاحية و تشرع الاناث في مساعدة الامهات في اشغال المنزل.
اهتمت الكتابات الغربية ، خاصة الاسبانية بألعاب الاطفال التي تطلق عليها داخل المجتمع الريفي (Raayath) . ما يلاحظ بخصوص هذه الألعاب هو غياب مفهوم الروح الرياضية كما هي معروفة لدى المجتمعات الإنسانية ، المنافسة في جل هذه الالعاب تكون قاسية لا ترحم ، اي يمكن ان نقول بخلاصة ، الغاية تبرر الوسيلة. تعكس هذه الالعاب خاصة العاب الذكور المهام والاختصاصات الاجتماعية و السياسة المستقبلية ، خلافا لألعاب الاناث اللواتي لن يكون لهن اي دور سياسي على اية حال.
تعددت الالعاب داخل المجتمع الريفي منها ما هو للذكور والإناث ، و كذلك الكبار ، و تتخذ هذه الالعاب عدة اشكال و لها ادوار عدة ، نتطرق إلى اهم هذه الالعاب :
لعبة ذاحجورث«Thahjorth»: تستلزم وضع فريقين من اربعة الى خمسة اطفال ، يقفون مواجهين لبعضهم البعض تقريبا على مسافة 20 مترا. يبدئ اعضاء كل فريق برمي حجر بالتتابع كبيرا يوضع في مكان يتوسط الفريقان. بمجرد ان يتمكن احد اعضاء الفريق من اصابة الحجر و إسقاطه يعتبر فريقه فائزا ، و على الفريق الاخر حمل المنتصرين على ظهورهم و السير بهم الى الحجر الذي تم اسقاطه ، ثم العودة إلى نقطة الانطلاق ، و تبدء اللعبة من جديد.
لعبة هي «Hey» : لعبة منتشرة في الوسط الريف و كذالك عموم المناطق الامازيغية الاخرى . تتم ممارسة هذه اللعبة من طرف الاطفال و الشباب خاصة في الاعياد والمناسبات . تبدأ اللعبة ، بوضع المهراس الخشبي المستعمل لهرش الحبوب < Ididigh> مقلوبا على الارض ، يقوم احد اللاعبين بوضع يديه معا فوقه ، بينما يدور حوله عشرين فردا و هم يصيحون «هي» «هي»«هي» يحاول كل واحد منهم لمس المهراس ، بينما يقوم الحارس بالمقابل بصد المهاجمين ، و ركلهم على ظهورهم . ان تمكن احد اللاعبين بلمس المهراس للمرة الأولى دون ان يصيبه الحارس ، يتغير الصياح الى «خمس»«خمس»«خمس» و اذا لمسه للمرة الثانية يتحول الصياح الى « هرسة» « هرسة» « هرسة» و تصبح آنذاك مهمة المهاجمين هي لطم الحارس على الظهر ، بدل محاولة لمس المهراس. اما الحارس يبدئ في الدفاع و يهاجم المهاجمين عبر ركلهم في كل الحالات ، وخلال جميع المراحل ، الى ان يتمكن من اصابة احد المهاجمين ، فيتم إعادة المهراس الى وضعه الصحيح ويصبح المهاجم المصاب حارس . و تستمر اللعبة من جديد ، هي لعبة تحتاج إلى قوة جسدية قوية .
لعبة ذانوفرا « Thinufra» : ما يسمى بلعة الغميضة ، تجدر الإشارة الى ان المهراس الخشبي يستعمل ايضا في هذه اللعبة ، لكن على الطفل الذي يحرسه ان يغمض عينيه من اجل منح الآخرين فرصة الاختباء ، بعد الاختباء يبدئ الطفل بالبحث عنهم ، بينما يحاول الاخرون التسلل و لمس المهراس ، و ان تم لمسه دون ان يدري ، يبقى الحارس هو المنهزم ، لكن في حالة لمسه لأحد المختبئين فإن هذا الاخير هو الذي يصبح الحارس الجديد للمهراس.
لعبة القفز « Bismi lah Ankaca» : يقف الكل في شكل هندسي دائري ، و ظهورهم منحية ، يبدئ احد اللاعبين بي قول « باسم الله انقشا » و يقفز على ظهور زملائه الواحد تلو الأخر حتى ينهي الدورة ليسلم الدور الثاني للاعب الثاني ، و بمجرد انتهاء الجولة الأولى بيداء الجميع يصيح بقول « بسم الله قاش قاش » و تليها مرحلة ثانية بالقفز بنفس المراحل المذكورة أعلاه ، تبدأ الجولة الثالثة من القفز بالصياح « باسم الله الضربة» كل مشارك يقفز فوق ظهور رفاقه و في هذه المرحلة يتم الركل و استغلال الفرصة.
لعبة الوزير «Awzir » : لعبة تم الاعتماد فيها على مصطلحات سياسية مثل الملك و الوزير ، و ان صح التعبير فهذه اللعبة لها أبعاد سياسية بالمهام التي سيتم توكل الى الاطفال اثناء وصولهم الى مرحلة المراهقة و ما يليها داخل المجتمع الريفي . تبدأ اللعبة برمي زوج نعال اللعب في الهواء ، و تحدد طريقة سقوطهما على الارض الدور الذي يجب عليه تقمصه. في حالة كان وجه النعلين معا عند سقوطهما الى الاسفل يصبح ملك اي «Ajdjid». في حالة كان وجههما الى الاعلى يصبح اللاعب أنداك وزيرا اي «Awzir» . في حالة سقط احد النعلين و وجه الى الاسفل و الاخر الى الاعلى يصبح اللاعب كلب اي «Akzin» تبعا لهذه الأدوار و اتبعا لقوانين اللعبة ، يسأل الوزير الملك كم ضربة سيتلقى الكلب على اسفل قدميه ثم ينفذ اوامره.
لعبة السيارة اي «Atomubin» : انما هذه لعبة ليست للتباري و المنافسة و لا تعرف منهزما او منتصرا ، بل لعبة ابتكرها اطفال المجتمع الريفي ، و يعود تاريخها إلى الثلاثينات من القرن العشرين ، فقط التي عرفت اول دخول للسيارات الى المنطقة. عبارة عن علبة معدنية يتم جرها على الارض كالسيارة بواسطة خيط او عصا خشبية.
لعبة :«Pado» حيث تتم هذه اللعبة فوق شجرة التين او الزيتون ، يتسلق اثنان او فرد واحد الشجرة تبدء اللعبة بمحاولة اللاعبين الموجودين في الارض تسلق الشجرة لكن المتسلق الاول يقوم بركل المتسلقون مما يجعلهم النزول إلى الارض او الاستسلام و قول «Pado»
لعبة : «Olima» لعبة اشبه بالألعاب البوليسية ، حيث تتم عبر مسافة طويلة ، و غالبا ما يتكون الفريقان اكثر من اربعة عناصر ، حيث تختبئ الفرق في مكان خاص بها ، و ان شهد احد اللاعبين لعب من الطرف الآخر يقول كلمة «Olima» و هناك مكان يتوسط الفريقان يسمى بالسجن ، و يصبح اللاعب الذي امسك به مثل السجين على فريقه القيام بالمستحيل من اجل إنقاذه و هي لعبة غالبا ما يتم لعبها الا في اوقات الظلام حيث تصعب الرؤية.
كانت تلك الالعاب التي يمارسها الاطفال خاصة الذكور و التي يمكن القول انها لها خلفيات متعددة منها ما هو سياسي و هو اجتماعي ، و في نفس السياق يؤكد الباحث الامريكي دافيد هارت على ان كل العاب الاطفال في المجال الريفي الا و لها اهداف . اما العاب البنات فتركز اغلبها على المهارة اليدوية و هذه اهمها على سبيل الذكر لا الحصر :
لعبة «Arae awladi» : تمارس اللعبة من طرف البنات ، خاصة منطقة السهل في ايث ورياغر ، حيث تقوم كل فتاة بمسك اطراف ملابس التي امامها ، و بهذا يشكلن صفا طويلا ثم يلاحقن فتاة تحاول تفادي المجموعة المهاجمة. بمجرد إمساك الهاربة من طرف احدى فتيات المجموعة ، تصبح الهاربة ضمن المجموعة ، و ترجع الممسكة هاربة.
لعبة «Imzrakfan» : لعبة من اجل تسلية لتمضية الوقت ، يلعبها فردان او اكثر ، يتم الاستعمال حجيرات صغيرة و يكون عددها زوجي حولي اربعة او اكثر ، و كلما كثر العدد الا و أصبحت اللعبة اكثر تعقيد ، حيث تكون حجرة كبيرة مقارنة مع الباقي . تجمع الفتاة التي تبدأ اللعبة الحجيرات الصغيرة في قبضة يدها و تمسك بالحجرة الكبيرة نسبيا بين ابهامها و سبابتها ثم ترميها في الهواء. قبل ان تتلقف هذه الحجرة ثانية تكون قد رمت بباقي الحجيرات على الارض ، و تتمثل الخطوة الثانية في رمي الحجرة في الهواء و اخذ الحجيرات و اخذ احدى الحجيرات من على الارض الواحدة تلو الاخرى ، حتى اخير حجيرة. ان تمكنت بذاك دون اي خطأ تنتقل إلى المرحلة الثانية حيث يلزمها ان تأخذ حجيرتين من الارض كل مرة بدل واحدة. يجب على اللاعبة في كل مرة ان لا تلمس الحجيرات الأخرى و ان لا تسقط منها الحجرة المقذوفة في الهواء ، و ان أخطأت تسلم الفرصة للمنافسة الثانية ، حسب عدد اللاعبات.
لعبة «Thomast» : يستخدم فيها ايضا الحجيرات الصغيرة ، هي لعبة شبيهة بلعبة Pick up sticks الممارسة داخل البلدان الغربية.
لعبة «Pisso» : تنقسم هذه اللعبة حسب اشكال هندسية متعددة و تأخذها اما اعداد زوجية او فردية فعلى سبيل المثال «Pisso n ariba» الذي يضم سبعة ارقام ، حيث تقوم اللاعبة برمي حجارة في الخانة رقم واحد ، و تقوم بقذفها برجل واحد حيث تكون الرجل مرفوعة ، و هكذا تتم اللعبة وصولا إلى رقم سبعة ، تأخذ راحة في الخانة رقم سبعة ، و تقوم من جديد برمي الحجارة و قذفها بتلك الرجل التي كانت مرفوعة ، وصولا إلى رقم واحد ، و تنحني بظهرها و ترمي الحجارة ، و مكان سقوط الحجارة يكون بمثابة باحة للراحة .
كانت تلك اهم الالعاب التي يمارسها الاطفال ذكورا و إناثا ، التي عرفها المجتمع الريفي خاصة الريف الأوسط ، و كما يؤكد الباحثون في الشأن الأنثروبولوجي انها العاب لها خلفيات متعددة و التي تسمح للأطفال بالاندماج داخل المجتمع الريفي خاصة تلك التي تخص الذكور ، باتت كل الالعاب المذكورة مندثرة في الوسط الريفي ، و هذا عائد الى عدم الاهتمام بهذا التراث و كذلك دخول وسائل التكنولوجيا التي همشت كل التقاليد و العادات التي كان يزخر بها الريف .
طالب جامعي ، باحث في التاريخ.*