المزيد من الأخبار






هل كانت بحيرة مارتشيكا من صنع تسونامي؟


هل كانت بحيرة مارتشيكا من صنع تسونامي؟
الطاهـر الكنـّوفي ـ غرناطة

كانت الفكرة السائدة عند قدماء سكان قلعية، أن سبخة "بوعرك" لم تكن موجودة منذ القدم، وأنها كانت أرضـاً فلاحيـة مليئـة بالحقـول والبساتين، وأن الحاجـز الطبيـعي الذي يفصـل اليـوم بين البحيـرة الصغيـرة والبحـر الأبيض المتـوسط، كان أكبـر وأقـوى مما هـو عليه الان، وأن سكان قبيلة كبدانـة كانـوا يتخذونه مسلكاً مباشراً الى مليلة،ثم وقـع فيضان كبيـر( تسونامي) في البحر الأبيض المتوسط وضرب سـواحل قلعية ومنها هـذا الجزء من سهل بوعـرك.وعاد البحـر الى مستـواه بعد مدة طيلة، ولكن مياه البحـر لم تخرج من هـذا الجزء من الأرض بعد أن كـوّنت بحيـرة جميلة سماها المؤرخون سبخة بوعرك.

وسماها الأهـالي البحـر الصغيـر كما سماها الإسبـان مارتشيكاMARCHICA . ولا يتذكر القدمـاء تاريخاً لهذا الفيضان أو هذا تسونامي لكن هـؤلاء كـعادتهم في التأريـخ بالأحداث الكبـرى يطلقـون عليه”زمان و مان‘‘، حتى أصبح كل ما حدث قديمـاً جداً ولا يتذكرون تاريخه يقـولون عنه إنه حدث في زمان و مان، وكأن التاريخ يبدأ عندهم من هـذه النقطة، من السنة التي ضرب فيها تسونامي ساحلهم.

بادئ ذي بدء أريـد أن أشير، وأنا أتحدث عن بحيرة الناظور،أن هذه المدينة لم تكن موجـودة بعد،

وأنـها من إنشـاء الإسبان سنـة1912 م أيـام الحماية، ولكن بـرج الناظـور الذي أخـذت منـه الإسم كان موجوداً منذ القـرن السابـع الهجري. وكان موقـعـه في قمة تل الناظور، وكان يطل على الحي المدني

POBLADO ومعـسكر ريغولاريسREGULARES حيث نجد اليوم خزان الماء الصغير لحي إكوناف.وسكنت

جماعـة من سكان قلعية تحتـه على سفـح التل عـرفت بايت الناظـور. وعند دخـول الجيش الإسباني

الى أراضي قلعية عام1909 م واستقـراره عند سفـح التل، انتقلت هـذه الجماعة من ايت الناظور الى شط البحيرة قـرب ثانوية الخطابي اليوم، وتـركوا بيوتهم وخيامهم التي أسكن فيها الإسبان نساء من

بني بويحي ومطالسة. ولم يكن بـرج الناظـور هـو الوحيد في جبال قلعيـة، بل كانت هناك أبراج أخرى

لمراقبة الأعـداء والقراصنة في قمم الجبال والتلال العالية كبـرج باسبيل وبـرج القلة اللذان كان يراقـب منهما المجاهدون تحرك الإسبان في حصن مليلة. وفي شمال بـرج الناظور هناك بـرج اخــر فـوق تـل سيدي علي تمكارت،وقد احتفـظ النصارى باسمه وسمـوهATALAYON ومعناه بلإسبانية البرج الصغير. وفي جنـوب بـرج الناظـور هناك بـرج إشوماي في قمـة التـل حيث نجـد اليـوم خزانات الماء التي تـزود المدينـة بالماء الشروب. وكان الحي الذي يعـرف اليـوم بـحي إكـونـاف يـسمى ( بين النواظـر ) لوقوعه بين الناظورين أو البرجين:برج الناظـور وبرج إشوماي. والناظور ليس اسماً للبـرج بل هـو اسم للحارس الذي يكـون داخله ويقـوم بالنظر والمراقبة. وشواطئ الأندلس معروفـة بهذه الأبراج التي كانـوا يراقبون منها القراصنة وقد تـحدث عنها ابن بطوطة في رحلته الى الأندلس.

وتسونامي كلمة يابانية تتألف من جزأين:(تسو) ومعناها الميناء و(نامي)معناهاالموجة،وتسونامي

كاملة معناها (موجة الميناء)وهي أقوى الأمواج وأعتاها.وقد أصيبت سواحل المغرب في القديم بأمواج تسونامي الذي كان يعـرف بفيضان البحـر. ويقـول الخبراء المغاربة في تسونامي إن تسونامياً عملاقـاًMEGA-TSUNAMI ضرب سواحل المغـرب الأطلسية عام1755م وتسبـب في أضـرار بالغـة بجميع المدن الساحلية مثل طنجة وأصيلة والعـرائش والمهدية وسلا والربـاط ومازغان واسفي وأكاديـر. وسبب هذا هـذا تسونامي العملاق هو زلزال لشبـونة الذي بلغـت قوتـه8,50 درجـة بمقياس ريشتر، وذلك بتاريخ1755/11/01 .أما عن سواحل البحـر الأبيض المتـوسط فيذكر هؤلاء الخبراء زلزالين تاريجييـن:الأول وقـع بتاريخ22 /09 / 1522م ويـعـرف بزلزال ألمرية، والثاني بتارخ09 / 10 /1680م ويسمى زلزال مالقـة، تـولدت عنهما موجات عالية للتسونامي في مـدن سـواحل البحـر الأبيض المتـوسط وخلفـت خسائـر كبيـرة فـي شـواطئ الأنـدلس وشمـال إفريقيـة كما يحكـون.


ويـحكي مـولييراس في كتابـه ( المغـرب المجهـول) عن الفيضانين اللذين ضـربـا سـواحل قلعيـة:

جاء الفيضان الأول أو تسونـامي الأول نتيجـة زلزال 1522 م وهـو الذي أدى الى تكوين بحيـرة مارتشيكاMARCHICA وفيه يقـول: ”يحكي شيـوخ قلعيـة أنـه في قديـم الزمان غطت مياه البحر جميـع السهول ولم تبق إلا قمم الجبال ظاهرة في وسط الماء كجزر صغيـرة ضائعـة بين أمواج البحر، وبعد مدة تراجع البحر حتى توقـف عند حصن مليلة. وهكذا تكونت سبحة بوعـرك التي لم يتراجع عنها الماء أبـداً ‘‘.

لا شك أن في روايـة مولييراس كثيـر مـن الحقيقـة وكثيـر من المبالغـة أيضـاً عندما يتحـدث عن

تـسونامي ضـرب ساحل قلعيـة وأن ميـاه البحـر قد غمـرت السهـول والجبـال ولم تبـق منها إلا قمـم الجبال ظاهرة في وسط الماء كجزر صغيرة لأننا لانرى الأمر معقولاً لأن جبال قلعية العالية لا يمكن لها أن تختفي ولا أن تصبح قممه جزراً صغيرة،قد يحدث هذا مع التلال الصغيرة كتـل سيدي علي بالناظور وتـل سيدي علي تمكارت بسبب قربهما من البحر وقلة علوهما، ولكن لن يحدث هـذا مع جبال قلعية التي ترتفع مئات الأمتار عن سطح البحـر. نحن لا نشك في ضرب تسونامي لسواحل قلعية وإن كان هناك من يرى أن هذا من الخرافات.لكننا لا ندعي أن أمواج البحر قد وصلت الى قمم جبالها كما يقـول بـعـض الشيوخ حتى في وقتنا الحاضـر بدليل وجود بعض الخراصانات هناك في قمـة أحد الجبال حيـث كانت تـشد السفن والمراكب على حد زعمهم. لاريـب أن فيضاناً كبيراً قد ضرب سواحـل قلعيـة مرتين بسبب الزلزالين المذكوريـن اللذان يـشبهـان زلـزال سومطـرة الذي هـز اسيا عـام2004 وتـسبـب في تـسونامي ارتـفـعــت أمواجـه أكثـر من 10 أمتـار، فقتلت ما يـزيـد عن225000 شخص فـي إنـدونيسيـا وسريلانكـا وتايلانـدا والهنـد وجـزر الملديـف، وتغيرت به الخريطة الجغـرافية لاسيا عندما اختـفـت جـزر معروفـة وظهـرت جـزر جديدة، وابتعدت جزيـرة سومطرة نفـسها حوالي30 كلم الى الغرب من موقعها القديم.

ويقـول مـولييـراس بـعـد ذلك عن الفيضان الثاني الذي سببه زلـزال1680 :”في قديم الزمان كان هناك شريط من اليابسة يفصل بين البحيرة والبحر الأبيض المتوسط،وقد سكنته عائلات عديدة؛بعضها في الخيام وبعضها فـي بيـوت مشيدة وكونت مدشراً مهماً .وكان الجميع يشتـغـل فـي ملـح البحيـرة ويبيعـونه للقبائل الريفية المجـاورة كما كانـوا يفعلون بالسمك الذي يصطادونه من البحيـرة. وذات ليلـة ـ وسط البرق والرعد والعاصفة القويةـ اقتحمت أمـواج البحر المتـوسط البـرزخ المعمـور، وجرفـت المياه كل ما وجدته في طريقـها من البيـوت والرجـال والنساء والأطفـال والدواب كقـشة من العشب. وهكذا غرقـت ثلاثة دواويـر بمن فيها واختفى الشريط لمدة عامين تحت الماء. وبعد ثلاثة أو أربعة أعوام ظهـر الشريط من جديد عندما بدأ البحر في التراجـع ‘‘.

ويضيف مولييراس:” إن القلعيين يفضلون بناء مساكنهم في الأماكن المرتفعة التي تسمـح لهم

برؤية ما حولهم من الباديـة خائفين من هجوم البحـر، ففي جميع التلال تجد مداشـر مرصوصة، بعضها

مرفـوع في قممـها، وبعضـها معلـق على سفـوحهـا ‘‘. ولا شك أن مـولييراس يشيـر هنـا الى هاجس الخـوف من البحـر عند القلعييـن منذ القـدم حتى أصبحـوا يشيـدون بيـوتـهم في قمـم الجبال أو على سفـوحـها حيـث لا تـصـل اليهـم أمـواج تسونامي . ومهما يكن فإن قدمـاء قلعيـة تحدثـوا عـن فيضـان البحـر في هذه المنطقـة مرتين وثبت علمياً أن زلزالين قد ضربا في بحر البوران مرتين أيضاً، لماذا هذا الإتفاق إذا كان كلامهم خـرافـة ؟!.





تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح