المزيد من الأخبار






نور الدين البركاني.. ما الذي جناه على نفسه؟ وهل يعيش حقاً إحتضاراً سياسيا مبكرا؟


نور الدين البركاني.. ما الذي جناه على نفسه؟ وهل يعيش حقاً إحتضاراً سياسيا مبكرا؟
بدر أعراب

في الحقيقة قد يحتار المرء من أيّ منطلقٍ من المنطقات ينهج لنفسه، للشروع في الحديث بالكيفية التي تخوّل له التقّرب نحو الفكر الرصين والمنطق السليم، في ظلّ ديمومة غياب الحقائق المطلقة للأشياء واِنعدام الموازين والضوابط وإختلال القيم! إلاّ أن اِنتهاج أسلوب القراءة الهادئة الخاضعة لأسس الأنطربولوجيا، هي الطريقة الأنجع في تقديرنا، للسداد في تكوين رأي حول مجموعة من القضايا والإشكالات، استناداً إلى معطيات "ما هو كائن" وَمنه اِستنباط خلاصات "ما يفترض أن يكون".

وبدءاً، فمشكلتنا الجوهرية تتجسد في اِتخاذ "السياسة" مطية من أجل تحقيق المآرب الشخصية، إذ عندما يبادر السياسي بالتوسّل بوسيلة "السياسة" لبلوغ سقف الطموح الشخصي، فلا يسعنا سوى أن نقرأ السلام على الصالح العام، طالما أن هذا السياسي لا يتورع في التلوّن بجميع ألوان الطيف كالحربائي، وأمام هذا الصنف من السياسيين الذين يشكلون للأسف الغالبية الأعم، ليس من العقل سوى غسل اليدين على تسميات من قبيل التنمية والنهوض بالأوضاع والتقدم وما إلى ذلك من الشعارات الجوفاء التي ضجوا بها المسامع ونفخوا بها الرؤوس.

وعليه، فالواحد منا ممّن بالأحرى طفق يفك طلاسيم أبجديات الدجل السياسي المُمارس من قبل السياسيين والسياسي الناظوري على وجه التحديد، يتعذر عليه صِدقا فهم مجريات الأمور وطبيعة منطلقاتها، والحال في حقيقة الأمر أن المتمعن في تصرفات وقرارات النائب البرلماني نور الدين البركاني الذي أضحى مؤخراً يستحوذ على الحيز الأكبر من منشورات الصحافة المحلية، النموذج الأبرز في هذا الصدد، الذي يمكن التطرق إليه عند معالجة ظاهرة الدجل السياسي، فالرجل كما يعرف المراقبون للشأن العام بالمنطقة، أثارت تصرفاته السياسية "الطائشة" الكثير من الجدل واللغط على حدّ سواء.

والواقع أن مقارنة بسيطة بين مواقف الرجل بالأمس، إزاء جملة من المشكلات المرتبطة بمسألة اِنتخابات البلدية الأخيرة، وغيرها من المواقف اليوم حيال نظيرتها الإقليمية، تكفي للوقوف بصورة جلية على حقيقة المحددات التي تتحكم في ذهنية الرجل أو بالأحرى على الأصح نفسيته ما دام المحددات هذه ذات طبيعة سيكولوجية أكثر مما هي شيءٌ آخر.

فما الذي "جناه" على نفسه المستشار الجماعي نور الدين البركاني من اِختبار الرابع شتنبر، وما الذي "لم يخسره" في المقابل؟ أما عن مسألة "الذي ربحه" فالعاقل على أيّة حال قد يربأ بنفسه عن الخوض في الإجابة عنها في ظلّ عدم إكتمال أجزاء من صورة "الحقيقة" بالنظر إلى شحّ المعطيات ولُبس ما يبقى إلى الحين في المتداول الجماعي، مجرد "مزاعم" نكاد لا نعثر لها على قرينة.

إنّ أيّ محاولة لصياغة جملة إجابات مقبولة نظريا، عن السؤال المطروح، لا بدّ من النظر إلى المسألة من زاوية محض موضوعية بمعزل عن سياق تأثير ما يتردّد داخل الأوساط التي تطغى عليها مفردات لغة الأحكام الدوغمائية الجاهزة، غير الخاضعة إلا لـ"العواطف" في عموميتها، والأخذ بالإعتبار تصريحات كلا من أطراف الصراع الإنتخابي الأخير منها بخاصة تصريحات سعيد الرحموني وسليمان أزواغ خلال الندوة الصحفية المنعقدة مؤخرا على هامش تشكيل مجلس البلدية.

فصاحبنا البرلماني لا يتناطح بشأنه إثنان على أنه أعطى الإنطباع على شخصه من خلال تصريحاته المكثفة عبر الإعلام، بكونه غير مؤطرٍ سياسيا ألبتّة، بالمعني الذي يفيد الفحوى الحقيقي لرجل السياسة، ولعل هذه وحدها من المطبّات والمَقاتِل التي اُصيب فيها الرجل، وكيفما كانت خلفياتها وأسبابها فإنّ واقع ما خلُصت إليها الأمور سرت في اِتجاه نزع المصداقية عن "السياسي" وتجريده من الثقة اللازمة والمفترضة بين المواطن والمسؤول حيال مصالحه العامة، حتى أن إنطباع الرأي العام يحيل على ذلك بصورة جلية يتعذر معها على البركاني في تقديرنا ترميم عذرية الثقة المفتضّة لديه، ما يفتح القوس للتساؤل عما إذا كان البركاني يعيش مرحلة إحتضاره السياسي مبكراً!؟


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح