ملف.. من المسؤول عن فضيحة تصميم تهيئة الناظور ؟
إنجاز: أحمد الزيد
يكتسي تصميم تهيئة المدن أهمية قصوى، باعتباره وثيقة إستراتيجية، على أساسها يتم توجيه المجهود التنموي لسنوات عدة. فتصميم التهيئة يشكل خارطة الطريق بالنسبة لكل المخططات والمشاريع التنموية، على مستوى التهيئة وإعداد التراب والتجهيز والتعمير، وإنشاء المرافق العامة ومختلف المؤسسات والمصالح الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وعلى هذا الأساس، يشكل تصميم التهيئة مرآة لمدى جودة وكفاءة ونجاعة المصالح والجهات المكلفة بإعداده، بالنظر إلى مدى تأثيره على وتيرة وحجم التنمية في المدينة.
لقد أثار تصميم تهيئة الناظور، منذ خروجه للنور نهاية 2015 جدلا واسعا على مختلف المستويات، دخلت على خطه مجموعة من الجهات: المجلس الجماعي للناطور، المجلس الإقليمي، وزارة التعمير، المهندسون المحليون، المجتمع المدني، المواطنون المتضررون ...
ولا يزال إلى حدود الساعة يثير النقاش والجدل والمواجهة، في انتظار تصحيح هذا الوضع، بالنظر إلى أن مستقبل مدينة بأكملها لعدة سنوات قادمة، يتوقف على إعداد تصميم تهيئة علمي، جاد، واضح، وعصري، يأخذ بعين الاعتبار مصلحة المدينة وأهلها.
ـ تصميم تهيئة من الزمن الغابر :
خلال الدورة العادية لشهر فبراير، والتي خصصت لمناقشة مشروع تصميم التهيئة الحضرية لمدينة الناظور، قرر أعضاء المجلس البلدي، أغلبية ومعارضة، ترك التصميم معلقا، وذلك بمصادقتهم على قرار تم صياغته يقضي برفض مشروع تصميم التهيئة.
وقد أشار القرار، إلى أنه، بعد دراسته لحيثيات مشروع تصميم تهيئة الناظور، وبعد وقوفه على عدة إختلالات، سواء بالنسبة لتخطيط الطرق أو استغلال وتهيئة المجال.
وبعد توصل المجلس بالملاحظات والتعرضات والشكايات التي تقدم بها المواطنون، وأعضاء مجلس الجماعة، والبالغة حوالي 800 شكاية.
وحيث أن تصميم التهيئة المعني، اعتمد في إنجازه على صورة جوية أخذت سنة 2009، وأصبحت بذلك متجاوزة، وحيث أنه منذ هذا التاريخ، تم بناء أكثر من 10 آلاف بناية، ولم تؤخذ بعين الاعتبار عند وضع مشروع التصميم، فإن المجلس الجماعي للناظور يرفض هذا التصميم.
وقد أشار رئيس المجلس الجماعي للناظور إلى أن تصميم التهيئة الخاص بالمدينة، كارثي، بالنظر إلى أنه انقضى سنة 2010، وأن الصورة الجوية الطوبوغرافية التي عمل عليها مكتب الدراسات التونسي أخذت في سنة 2009 ونحن نعيش اليوم في سنة 2016.
وأضاف أن البناء الذي يتم اليوم بمدينة الناظور عشوائي وكارثي، والسبب هو تصميم التهيئة، كما أشار إلى المشاكل الكبيرة التي يواجهها يوميا نتيجة معاناة المواطنين.
وناشد رئيس مجلس مدينة الناظور وزير التعمير ،الوقوف على تصميم التهيئة، والأخذ بآراء المواطنين المتضررين، وطالبه بتعيين مدير للوكالة الحضرية، لأنه من العار آلا تكون هناك مديرية للوكالة الحضرية في مدينة بحجم الناظور. في أفق تجاوز الاختلالات الحضرية البنيوية المستفحلة.
إن المجلس الجماعي للناظور يرفض تصميم التهيئة، لأنه سيؤدي إلى نزع ملكية أزيد من 880 مستفيد، والتي على البلدية أن تقوم بتعويضهم.
وقد أشار رئيس المجلس البلدي إلى ذلك حينما أكد أن البلدية لن تتحمل المسؤولية إن تم انتهاك حق أي مواطن في ملكيته، سواء تعلق الأمر بشق طريق، أو إنشاء مصلحة أومرفق عمومي. غير أنه لا بد هنا من الإشارة إلى مسؤولية المجلس البلدي السابق عن تفشي البناء العشوائي، والأحياء الفوضوية الناقصة التجهيز في الناظور، وخصوصا سنة 2011. وهي الأحياء التي لا تدخل في حسابات تصميم التهيئة، بالنظر إلى أنه يعتمد صورا جوية أخذت سنة 2009، وأهم هذه الأحياء : أولاد بوطيب، ثيزيري، جمعة ثاقذينت، بويزازان، إصابانان، بوعرورو، عريض ... فتصميم التهيئة لا يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات والمستجدات التي حدثت طوال سبع سنوات في كثير من الأحياء الهامشية العشوائية.
وعلى مستوى آخر، لا يراعي تصميم التهيئة، الخصاص المهول الذي تعاني منه المدينة في العديد من القطاعات الاجتماعية والثقافية والرياضية والترفيهية.
كل هذا دفع البعض إلى اعتبار تصميم التهيئة لمدينة الناظور بمثابة فضيحة للحكومة، فأن يتلاعب الأجانب بأموال الدولة، من خلال اعتماد الشركة التونسية التي قامت بإعداد تصميم التهيئة، على صور جوية يعود تاريخها إلى سنة 2009، غافلة عن التطور الحضري والعمراني الذي شهدته المدينة طيلة سبع سنوات، فيه استهتار بمصير مدينة بأكملها.
ـ تصميمي تهيئة لمدينة واحدة :
منذ سنة 2008، تاريخ إحداث وكالة مارشيكا ميد، تداخلت الاختصاصات وتشابكت المسؤوليات، بين الوكالة من جهة والمجلس البلدي من جهة أخرى، على مستوى إعداد التراب والتهيئة والتعمير وشق الطرق، وإنشاء المرافق العامة والتجهيزات الأساسية.
ففي الوقت الذي كان يفترض فيه التنسيق والتكامل والتعاون بين الجانبين، برزت مجموعة من الاختلالات على مستويات عدة، منها على الخصوص إشكالية تصميمي تهيئة مارشيكا والناظور، واللذان تم إعدادهما بشكل منفصل، الواحد عن الآخر، وكأن الأمر يتعلق بمدينتين وليس مدينة واحدة.
لقد كان المجلس البلدي للناظور قد عقد دورة استثنائية في يناير 2012، ناقشت نقطة واحدة في جدول أعمالها هي مشروع تصميم تهيئة بحيرة مارشيكا، وأكد المجلس أن التصميم المذكور غير واضح المعالم، وهو ما يستوجب إعادة النظر في الطريقة التي اعتمدتها الوكالة لإعداده، وقد أبرزت مداخلات المستشارين الجماعيين العديد من النقاط التي اعتبروها اختلالات شابت تصميم التهيئة المذكور، أهمها :
ـ ضعف قنوات التواصل بخصوص التصميم
ـ تخوفات ملاك الأراضي والمنعشين العقاريين وأصحاب الحقوق بسبب هذا التصميم الذي يهدد مصالحهم وحقوقهم؛
ـ ضرورة إعادة تصميم تفصيلي يشمل كافة المعطيات، بأدق التفاصيل، من ضمنها تحديد جميع المناطق والمرافق والتجهيزات الأساسية، مع ضرورة احترام جميع الرخص التي سلمت لمجموعة من التجزئات والمرافق الاجتماعية والتجهيزات ...
ـ عدم التنسيق مع المجلس البلدي على مستوى تدخلات وكالة مارشيكا، خصوصا وأن نطاق تدخلها واشتغالها لا يقتصر على بحيرة مارشيكا، بل يمتد إلى مناطق عدة في الناظور والجماعات الأخرى، كالكورنيش، وحي ترقاع والناظور الجديد، وبني نصار، وقرية أركمان، وبوعرك وغيرها.
فعدم التنسيق والتكامل مع المجلس البلدي، يطرح إشكالات على مستوى التصاميم ونوعية المرافق والمصالح التي يتم إنجازها، وكذا التجهيزات بمختلف أنواعها.
من أجل ذلك، طالب المجلس البلدي آنذاك بضرورة تشكيل لجنة مختلطة تضم أعضاء المجلس وموظفون وتقنيون، للاشتغال بشكل مكثف، بتنسيق مع وكالة مارشيكا ميد، قصد تبليغ هذه الأخيرة بكافة آراء ومقترحات المجلس البلدي للناظور بخصوص تصميم التهيئة المذكور.
إن إشكالية التنسيق بين المجلس الجماعي ووكالة مارشيكا لا زالت تطرح بإلحاح، من أجل جعل تصور الوكالة وبالتالي مشاريعها وتصاميمها تدخل ضمن التصور والتصميم العام للمدينة، وليست منفصلة ومعزولة عنه.
وهذا ما جعل رئيس المجلس الإقليمي، يتحدث بإسهاب عن هذه الإشكالية أثناء مناقشة تصميم تهيئة الناظور نهاية 2015، فأثار تخوفات السكان من التداعيات التي يحملها تصميم تهيئة مارشيكا على عقاراتهم، لعدم وجود مقاربة تشاركية لدى الوكالة، ودعا إلى إعادة دراسة تصميم التهيئة بما يحفظ مصالح السكان.
كما طرح مشكل التنسيق بين المجلس الجماعي والوكالة، فمخطط تصميم تهيئة مدينة الناظور ينحصر فقط في المناطق التي تتحكم فيها البلدية، ولا يشمل المناطق التي تدخل في نطاق مجال اشتغال وكالة مارشيكا، ففي الوقت الذي يفترض فيه وجود تنسيق وتكامل على مستوى المشاريع والتصاميم والمرافق العمومية والتجهيزات، فواقع الحال يثبت وجود تناقض وتنافر بين البلدية ووكالة مارشيكا، فهناك مشاريع تشتغل عليها هذه الأخيرة دون إخبار المجلس البلدي، حسب رئيس المجلس الإقليمي، وهو ما دفعه إلى القول بأنه لا يمكن لوكالة مارشيكا أن تشتغل على هواها وأن تفعل ما تريد، دون تشاور وتنسيق مع المجلس البلدي.
وبالنظر إلى هذه الاختلالات على مستوى إعداد تصميمي تهيئة الناظور ومارشيكا، أكد رئيس المجلس الإقليمي أنه يتعين رفض هذا التصميم بشكل مطلق، والشروع في إعداد تصميم تهيئة حضري جديد،يشرف المدينة، ويمنحها آفاقا جديدة على مستوى المشاريع والمنجزات، ويستجيب لانتظارات وطموحات الساكنة.
ـ تصميم تهيئة الناظور أمام القضاء:
بسبب الامتعاض الواسع والاستنكار الشديد والشكايات الكثيرة من قبل سكان الناظور، مواطنين ومجتمع مدني حول تصميم التهيئة الجديد، الذي رفض رسميا من قبل المجلس الجماعي للناظور، بسبب النقائص والاختلالات الكثيرة التي شابته، يتجه رئيس المجلس الإقليمي للناظور نحو رفع دعوى قضائية ضد مكتب الدراسات التونسي الذي أشرف على إنجاز مخطط التهيئة، وذلك لعدم احترامه للقانون، واعتماد المسح الطوبوغرافي لسنة 2009 دون تحيينه، وتلاعبه بمستقبل المدينة وبمصالح ساكنة الناظور عبر الإهمال في مختلف مراحل إنجاز مخطط التهيئة، بحيث أن هذا التصميم سيتسبب في هدم 818 منزلا بنيت في الفترة بين 2009 و 2016، وخاصة سنة 2011 التي شهدت انفلاتا عقاريا عشوائيا كبيرا، يتحمل فيه المجلس البلدي السابق مسؤولية كبرى.
فعشرة آلاف منزل بنيت خلال هذه الفترة، تقدم ملاك 818 منها بشكايات ضد التصميم الذي سيتسبب في هدم منازلهم. وقال رئيس المجلس الإقليمي "إن الأمر يعتبر مهزلة لا يتوجب السكوت عنها، وأنه عازم على متابعة الشركة التي تسببت في الأمر.
خلاصة :
إن مدينة الناظور في حاجة ماسة إلى اهتمام خاص، وسياسة للمدينة من أجل تقويم الإختلالات البنيوية والهيكلية العميقة التي تعرفها على الكثير من المستويات كإعداد التراب والتعمير والأحياء العشوائية الناقصة التجهيز والمنتشرة في كل جوانب المدينة، إضافة على النقص المهول في جميع المرافق الأساسية الاجتماعية والإدارية والصحية والثقافية والرياضية والترفيهية.
يشكل تصميم التهيئة أداة ووثيقة إستراتيجية لتنمية المدينة وتغيير معالمها والدخول بها في مرحلة جديدة تقطع مع العبث والاستهتار.
إن تصميم التهيئة يجب أن يكون برؤية مستقبلية على المدى الطويل، ويجب أن يشمل الجماعات الأخرى، ولا يقتصر على مدينة الناظور فقط.
من جهة أخرى لا بد أن يأخذ التصميم في اعتباره الأحياء الهامشية، قصد تزويدها بالماء والكهرباء والواد الحار والإنارة، فالتصميم المرفوض أهمل هذه الأحياء، ولم يعرها اهتماما من أجل تقويم اختلالاتها ونقائصها، لتكون مجبرة على انتظار عشرات السنين الأخرى ليتم الالتفات إليها.
على مستوى آخر يجب أن يتضمن تصميم التهيئة رؤية واضحة من أجل توفير المرافق الأساسية لمدينة الناظور في جميع القطاعات الاجتماعية والصحية والثقافية والرياضية.
وهنا تطرح إشكالية التنسيق بين المجلس الجماعي ووكالة مار شيكا، من أجل خلق تكامل بين تصميم تهيئة مار شيكا وتصميم تهيئة الناظور، لمنح المدينة تصميم تهيئة حداثي وعصري يلحقها بركب المدن الأخرى على مستوى التنمية والجمالية والتجهيزات.
يكتسي تصميم تهيئة المدن أهمية قصوى، باعتباره وثيقة إستراتيجية، على أساسها يتم توجيه المجهود التنموي لسنوات عدة. فتصميم التهيئة يشكل خارطة الطريق بالنسبة لكل المخططات والمشاريع التنموية، على مستوى التهيئة وإعداد التراب والتجهيز والتعمير، وإنشاء المرافق العامة ومختلف المؤسسات والمصالح الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وعلى هذا الأساس، يشكل تصميم التهيئة مرآة لمدى جودة وكفاءة ونجاعة المصالح والجهات المكلفة بإعداده، بالنظر إلى مدى تأثيره على وتيرة وحجم التنمية في المدينة.
لقد أثار تصميم تهيئة الناظور، منذ خروجه للنور نهاية 2015 جدلا واسعا على مختلف المستويات، دخلت على خطه مجموعة من الجهات: المجلس الجماعي للناطور، المجلس الإقليمي، وزارة التعمير، المهندسون المحليون، المجتمع المدني، المواطنون المتضررون ...
ولا يزال إلى حدود الساعة يثير النقاش والجدل والمواجهة، في انتظار تصحيح هذا الوضع، بالنظر إلى أن مستقبل مدينة بأكملها لعدة سنوات قادمة، يتوقف على إعداد تصميم تهيئة علمي، جاد، واضح، وعصري، يأخذ بعين الاعتبار مصلحة المدينة وأهلها.
ـ تصميم تهيئة من الزمن الغابر :
خلال الدورة العادية لشهر فبراير، والتي خصصت لمناقشة مشروع تصميم التهيئة الحضرية لمدينة الناظور، قرر أعضاء المجلس البلدي، أغلبية ومعارضة، ترك التصميم معلقا، وذلك بمصادقتهم على قرار تم صياغته يقضي برفض مشروع تصميم التهيئة.
وقد أشار القرار، إلى أنه، بعد دراسته لحيثيات مشروع تصميم تهيئة الناظور، وبعد وقوفه على عدة إختلالات، سواء بالنسبة لتخطيط الطرق أو استغلال وتهيئة المجال.
وبعد توصل المجلس بالملاحظات والتعرضات والشكايات التي تقدم بها المواطنون، وأعضاء مجلس الجماعة، والبالغة حوالي 800 شكاية.
وحيث أن تصميم التهيئة المعني، اعتمد في إنجازه على صورة جوية أخذت سنة 2009، وأصبحت بذلك متجاوزة، وحيث أنه منذ هذا التاريخ، تم بناء أكثر من 10 آلاف بناية، ولم تؤخذ بعين الاعتبار عند وضع مشروع التصميم، فإن المجلس الجماعي للناظور يرفض هذا التصميم.
وقد أشار رئيس المجلس الجماعي للناظور إلى أن تصميم التهيئة الخاص بالمدينة، كارثي، بالنظر إلى أنه انقضى سنة 2010، وأن الصورة الجوية الطوبوغرافية التي عمل عليها مكتب الدراسات التونسي أخذت في سنة 2009 ونحن نعيش اليوم في سنة 2016.
وأضاف أن البناء الذي يتم اليوم بمدينة الناظور عشوائي وكارثي، والسبب هو تصميم التهيئة، كما أشار إلى المشاكل الكبيرة التي يواجهها يوميا نتيجة معاناة المواطنين.
وناشد رئيس مجلس مدينة الناظور وزير التعمير ،الوقوف على تصميم التهيئة، والأخذ بآراء المواطنين المتضررين، وطالبه بتعيين مدير للوكالة الحضرية، لأنه من العار آلا تكون هناك مديرية للوكالة الحضرية في مدينة بحجم الناظور. في أفق تجاوز الاختلالات الحضرية البنيوية المستفحلة.
إن المجلس الجماعي للناظور يرفض تصميم التهيئة، لأنه سيؤدي إلى نزع ملكية أزيد من 880 مستفيد، والتي على البلدية أن تقوم بتعويضهم.
وقد أشار رئيس المجلس البلدي إلى ذلك حينما أكد أن البلدية لن تتحمل المسؤولية إن تم انتهاك حق أي مواطن في ملكيته، سواء تعلق الأمر بشق طريق، أو إنشاء مصلحة أومرفق عمومي. غير أنه لا بد هنا من الإشارة إلى مسؤولية المجلس البلدي السابق عن تفشي البناء العشوائي، والأحياء الفوضوية الناقصة التجهيز في الناظور، وخصوصا سنة 2011. وهي الأحياء التي لا تدخل في حسابات تصميم التهيئة، بالنظر إلى أنه يعتمد صورا جوية أخذت سنة 2009، وأهم هذه الأحياء : أولاد بوطيب، ثيزيري، جمعة ثاقذينت، بويزازان، إصابانان، بوعرورو، عريض ... فتصميم التهيئة لا يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات والمستجدات التي حدثت طوال سبع سنوات في كثير من الأحياء الهامشية العشوائية.
وعلى مستوى آخر، لا يراعي تصميم التهيئة، الخصاص المهول الذي تعاني منه المدينة في العديد من القطاعات الاجتماعية والثقافية والرياضية والترفيهية.
كل هذا دفع البعض إلى اعتبار تصميم التهيئة لمدينة الناظور بمثابة فضيحة للحكومة، فأن يتلاعب الأجانب بأموال الدولة، من خلال اعتماد الشركة التونسية التي قامت بإعداد تصميم التهيئة، على صور جوية يعود تاريخها إلى سنة 2009، غافلة عن التطور الحضري والعمراني الذي شهدته المدينة طيلة سبع سنوات، فيه استهتار بمصير مدينة بأكملها.
ـ تصميمي تهيئة لمدينة واحدة :
منذ سنة 2008، تاريخ إحداث وكالة مارشيكا ميد، تداخلت الاختصاصات وتشابكت المسؤوليات، بين الوكالة من جهة والمجلس البلدي من جهة أخرى، على مستوى إعداد التراب والتهيئة والتعمير وشق الطرق، وإنشاء المرافق العامة والتجهيزات الأساسية.
ففي الوقت الذي كان يفترض فيه التنسيق والتكامل والتعاون بين الجانبين، برزت مجموعة من الاختلالات على مستويات عدة، منها على الخصوص إشكالية تصميمي تهيئة مارشيكا والناظور، واللذان تم إعدادهما بشكل منفصل، الواحد عن الآخر، وكأن الأمر يتعلق بمدينتين وليس مدينة واحدة.
لقد كان المجلس البلدي للناظور قد عقد دورة استثنائية في يناير 2012، ناقشت نقطة واحدة في جدول أعمالها هي مشروع تصميم تهيئة بحيرة مارشيكا، وأكد المجلس أن التصميم المذكور غير واضح المعالم، وهو ما يستوجب إعادة النظر في الطريقة التي اعتمدتها الوكالة لإعداده، وقد أبرزت مداخلات المستشارين الجماعيين العديد من النقاط التي اعتبروها اختلالات شابت تصميم التهيئة المذكور، أهمها :
ـ ضعف قنوات التواصل بخصوص التصميم
ـ تخوفات ملاك الأراضي والمنعشين العقاريين وأصحاب الحقوق بسبب هذا التصميم الذي يهدد مصالحهم وحقوقهم؛
ـ ضرورة إعادة تصميم تفصيلي يشمل كافة المعطيات، بأدق التفاصيل، من ضمنها تحديد جميع المناطق والمرافق والتجهيزات الأساسية، مع ضرورة احترام جميع الرخص التي سلمت لمجموعة من التجزئات والمرافق الاجتماعية والتجهيزات ...
ـ عدم التنسيق مع المجلس البلدي على مستوى تدخلات وكالة مارشيكا، خصوصا وأن نطاق تدخلها واشتغالها لا يقتصر على بحيرة مارشيكا، بل يمتد إلى مناطق عدة في الناظور والجماعات الأخرى، كالكورنيش، وحي ترقاع والناظور الجديد، وبني نصار، وقرية أركمان، وبوعرك وغيرها.
فعدم التنسيق والتكامل مع المجلس البلدي، يطرح إشكالات على مستوى التصاميم ونوعية المرافق والمصالح التي يتم إنجازها، وكذا التجهيزات بمختلف أنواعها.
من أجل ذلك، طالب المجلس البلدي آنذاك بضرورة تشكيل لجنة مختلطة تضم أعضاء المجلس وموظفون وتقنيون، للاشتغال بشكل مكثف، بتنسيق مع وكالة مارشيكا ميد، قصد تبليغ هذه الأخيرة بكافة آراء ومقترحات المجلس البلدي للناظور بخصوص تصميم التهيئة المذكور.
إن إشكالية التنسيق بين المجلس الجماعي ووكالة مارشيكا لا زالت تطرح بإلحاح، من أجل جعل تصور الوكالة وبالتالي مشاريعها وتصاميمها تدخل ضمن التصور والتصميم العام للمدينة، وليست منفصلة ومعزولة عنه.
وهذا ما جعل رئيس المجلس الإقليمي، يتحدث بإسهاب عن هذه الإشكالية أثناء مناقشة تصميم تهيئة الناظور نهاية 2015، فأثار تخوفات السكان من التداعيات التي يحملها تصميم تهيئة مارشيكا على عقاراتهم، لعدم وجود مقاربة تشاركية لدى الوكالة، ودعا إلى إعادة دراسة تصميم التهيئة بما يحفظ مصالح السكان.
كما طرح مشكل التنسيق بين المجلس الجماعي والوكالة، فمخطط تصميم تهيئة مدينة الناظور ينحصر فقط في المناطق التي تتحكم فيها البلدية، ولا يشمل المناطق التي تدخل في نطاق مجال اشتغال وكالة مارشيكا، ففي الوقت الذي يفترض فيه وجود تنسيق وتكامل على مستوى المشاريع والتصاميم والمرافق العمومية والتجهيزات، فواقع الحال يثبت وجود تناقض وتنافر بين البلدية ووكالة مارشيكا، فهناك مشاريع تشتغل عليها هذه الأخيرة دون إخبار المجلس البلدي، حسب رئيس المجلس الإقليمي، وهو ما دفعه إلى القول بأنه لا يمكن لوكالة مارشيكا أن تشتغل على هواها وأن تفعل ما تريد، دون تشاور وتنسيق مع المجلس البلدي.
وبالنظر إلى هذه الاختلالات على مستوى إعداد تصميمي تهيئة الناظور ومارشيكا، أكد رئيس المجلس الإقليمي أنه يتعين رفض هذا التصميم بشكل مطلق، والشروع في إعداد تصميم تهيئة حضري جديد،يشرف المدينة، ويمنحها آفاقا جديدة على مستوى المشاريع والمنجزات، ويستجيب لانتظارات وطموحات الساكنة.
ـ تصميم تهيئة الناظور أمام القضاء:
بسبب الامتعاض الواسع والاستنكار الشديد والشكايات الكثيرة من قبل سكان الناظور، مواطنين ومجتمع مدني حول تصميم التهيئة الجديد، الذي رفض رسميا من قبل المجلس الجماعي للناظور، بسبب النقائص والاختلالات الكثيرة التي شابته، يتجه رئيس المجلس الإقليمي للناظور نحو رفع دعوى قضائية ضد مكتب الدراسات التونسي الذي أشرف على إنجاز مخطط التهيئة، وذلك لعدم احترامه للقانون، واعتماد المسح الطوبوغرافي لسنة 2009 دون تحيينه، وتلاعبه بمستقبل المدينة وبمصالح ساكنة الناظور عبر الإهمال في مختلف مراحل إنجاز مخطط التهيئة، بحيث أن هذا التصميم سيتسبب في هدم 818 منزلا بنيت في الفترة بين 2009 و 2016، وخاصة سنة 2011 التي شهدت انفلاتا عقاريا عشوائيا كبيرا، يتحمل فيه المجلس البلدي السابق مسؤولية كبرى.
فعشرة آلاف منزل بنيت خلال هذه الفترة، تقدم ملاك 818 منها بشكايات ضد التصميم الذي سيتسبب في هدم منازلهم. وقال رئيس المجلس الإقليمي "إن الأمر يعتبر مهزلة لا يتوجب السكوت عنها، وأنه عازم على متابعة الشركة التي تسببت في الأمر.
خلاصة :
إن مدينة الناظور في حاجة ماسة إلى اهتمام خاص، وسياسة للمدينة من أجل تقويم الإختلالات البنيوية والهيكلية العميقة التي تعرفها على الكثير من المستويات كإعداد التراب والتعمير والأحياء العشوائية الناقصة التجهيز والمنتشرة في كل جوانب المدينة، إضافة على النقص المهول في جميع المرافق الأساسية الاجتماعية والإدارية والصحية والثقافية والرياضية والترفيهية.
يشكل تصميم التهيئة أداة ووثيقة إستراتيجية لتنمية المدينة وتغيير معالمها والدخول بها في مرحلة جديدة تقطع مع العبث والاستهتار.
إن تصميم التهيئة يجب أن يكون برؤية مستقبلية على المدى الطويل، ويجب أن يشمل الجماعات الأخرى، ولا يقتصر على مدينة الناظور فقط.
من جهة أخرى لا بد أن يأخذ التصميم في اعتباره الأحياء الهامشية، قصد تزويدها بالماء والكهرباء والواد الحار والإنارة، فالتصميم المرفوض أهمل هذه الأحياء، ولم يعرها اهتماما من أجل تقويم اختلالاتها ونقائصها، لتكون مجبرة على انتظار عشرات السنين الأخرى ليتم الالتفات إليها.
على مستوى آخر يجب أن يتضمن تصميم التهيئة رؤية واضحة من أجل توفير المرافق الأساسية لمدينة الناظور في جميع القطاعات الاجتماعية والصحية والثقافية والرياضية.
وهنا تطرح إشكالية التنسيق بين المجلس الجماعي ووكالة مار شيكا، من أجل خلق تكامل بين تصميم تهيئة مار شيكا وتصميم تهيئة الناظور، لمنح المدينة تصميم تهيئة حداثي وعصري يلحقها بركب المدن الأخرى على مستوى التنمية والجمالية والتجهيزات.
