المزيد من الأخبار






محمد المرابط: رسالة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي في حراك الريف للدولة والنشطاء


محمد المرابط: رسالة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي في حراك الريف للدولة والنشطاء
محمد المرابط

وأنا أقرأ كلمة الأستاذ المجاهد سي عبد الرحمان اليوسفي بمناسبة تقديم مذكراته "أحاديث في ما جرى"، أحسست بثقل حراك الريف فيها. ومن الطبيعي أن تكون مواكبته -كصحفي وحقوقي- لمختلف التعبيرات الاحتجاجية، وبالخصوص في الريف، قد استبطنت هذه الكلمة، وأنا على وعي ببلاغة لغة الرمز والإشارة لدى "قطب" وطني من طينة الأستاذ سي عبد الرحمان. ولما أحليه بـ "القطب" لزهده وورعه وحكمته، تتزاحم في ذهني صور وظيفة أقطاب المشرب الشاذلي المشيشي في التصوف، على درب حفظ السيادة الوطنية وبناء الإنسان والدولة، وعلى الأخص سيدي عبد الله الغزواني وتلامذته الأعلام، انطلاقا من شمال المغرب. وأعتقد أن حتى نسبة "اليوسفي"، لا تنفصل عن معنى الالتزام بالمشرب الصوفي في الريف الكبير، لمن يحمل اسم يوسف، إما بالأخماس أو القصر الكبير أو آيت ورياغل .

وبهذا الاستبطان، يكون سي عبد الرحمان، وهو يقدم "أحاديث فيما جرى"، يقدم أيضا وصفة لاحتواء "ما يجري" الآن، وهو يوجه في شأن حراك الريف، رسالة مضمرة للدولة والمجتمع، في خاتمة كلمته القصيرة بقوله: "إن رسالتي في الختام أوجهها إلى الأجيال الجديدة بالمغرب، والتي أدرك مقدار شغفها بمستقبل بلادها. فأنا موقن أنها تعلم جيدا أن قوة الأمم قد ظلت دوما كامنة في تصالحها مع ماضيها وحاضرها، وفي حسن قراءتها لذلك الماضي وذلك الحاضر، حتى يسهل عليها بناء مستقبل بأكبر قدر ممكن من النجاح والتقدم. ولا أبالغ إذا قلت، إنني على يقين أنها ستحسن صنع ذلك المستقبل ما دامت مستوعبة لكل دروس وقيم ماضينا وحاضرنا؛ قيم الوطنية وقيم الوفاء وقيم البذل والعطاء، المنتصرة للحوار بدل العنف، والمخصبة للتوافق بدل الاستبداد بالرأي".

ولتأخذ هذه الخاتمة مداها، يجب وضعها في سياق مفتتح كلمته حول تقديم مذكراته، لما قال: "هي فرصة لنجدد العهد بيننا جميعا. وأيضا لنذكر بعضنا بالقيم الوطنية التي شكلت الأساس الصلب لكل الدروس النضالية التي أبدعتها أجيال من المغاربة، في الدولة وفي المجتمع، منذ تأسيس الحركة الوطنية في الثلاثينات، من القرن الماضي. وهي القيم التي لا تزال تشكل السماد الخصب، لإتمام مشروع بناء مغرب اليوم والغد، مغرب الحريات والديموقراطية ودولة المؤسسات، وأيضا حماية وحدتنا الترابية تحت قيادة عاهل البلاد جلالة الملك محمد السادس حفظه الله".

من هنا تكون رسالة/ وصية الأستاذ اليوسفي للأجيال الجديدة بالمغرب -وبهذا الود لرمز الأمة، تماما كالأستاذ محمد عابد الجابري- موجهة لجيل منظومة الحكم والسلطة، وجيل النخب السياسية والمدنية. وأجد أن هذه الوصية تتماهي مع وصية أحد أبرز رموز الحركة الوطنية وجيش التحرير، الأستاذ المجاهد الفقيه سي محمد البصري، الذي سبق أن أوصى، بـ "تكامل" المجتمع والدولة. كما أوصى عاهل البلاد، باستحضار نهج جده في الحكم.

انشغال الأستاذ اليوسفي بما يجري في الريف، لا ينفصل عن انشغاله الأكاديمي فيما مضى، بـ "مؤسسات جمهورية الريف"، في إطار الاستلهام الاتحادي للميراث التحرري والتحديثي لمولاي موحند. ولا بأس من الإشارة هنا، إلى أن سي محمد الفقيه البصري كان يرى في مولاي موحند مرجعية جيش التحرير. كما أن ملصق مقاطعة الاتحاديين لدستور 1962، كان يحمل صورتي شيخ الإسلام مولاي بلعربي العلوي، وشيخ المجاهدين مولاي موحند.

لذلك من الطبيعي أن يستحضر الأستاذ اليوسفي، وهو ابن الريف الكبير، ملف الحراك، بهذا الأسلوب من لطائف الإشارات، خصوصا وقد سبق أن علقت عليه أمل أن يكون في طليعة نخبة الريف؛ كعائشة الخطابي، أحمد المرابط، أحمد الخمليشي... لقيادة مسعى الحل السياسي لهذا الملف. ويمكن أن نجمل رسالة سي عبد الرحمان فيما يلي: لبناء المستقبل، على الدولة المصالحة مع الماضي في الريف وحسن قراءته، وعلى نشطاء الحراك المصالحة مع حاضر وطنهم وحسن قراءته. كما أن قيم ماضينا وحاضرنا المنتصرة للحوار والتوافق، ستنتصب في وجه العنف والاستبداد بالرأي، سواء من طرف السلطة/ المخزن، أو من طرف النشطاء .

أعتقد أن هذا "التأويل" الذي أثثت به هذا الجانب من كلمة الأستاذ اليوسفي، بحكم دلالة السياق، يطرح عليه التزامات، تجاه الدولة والحراك. صحيح نحن نعلم أن وضعه الصحي -بارك الله في عمره- لن يسمح بالتحركات التي تتطلبها تعقيدات ملف الحراك داخليا وخارجيا. لكن يكفي أن ننتزع منه عبارة "صار بالبال"، لتحصيل "بركة" أحد أبرز وجوه النضال التحرري والديموقراطي في المغرب، لدى صاحب الأمر.

وفي تقديري أن أكبر تكريم، لرجل دولة حصيف، من عيار سي عبد الرحمان، هو الإصغاء إليه في ملف الحراك. وباعتبار انتمائي إلى الوسائط التقليدية كما تجسدها "إمرابضن" في آيت ورياغل -وليس كما تم اختزالها إداريا في تامسينت- أدرك مخاطر الاحتقان المتنامية، على إيقاع النزوعات الشوفينية والعدمية، مما يستوجب تدخل صاحب الأمر، لوقف هذا النزيف، ولإعادة الاعتبار للوسائط الديموقراطية، حيث يمكن لنخبة الريف، وفي طليعتها سي عبد الرحمان، المساهمة لهذه الغاية في صياغة تعاقدات لانعطافة واعدة لعمل هذه الوسائط، تنهي بمنطق الدولة والمواطنة المسؤولة، هذه المحنة!



1.أرسلت من قبل amaghrabi في 13/03/2018 19:40
بسم الله الرحمان الرحيم.أعتقد ان زمن الرموز والابطال قد انتهى,الرجوع الى الرموز الوطنية سواء كانت حية او ميتة لا يجدي شيئاوبالتالي فدور الأستاذ المحترم عبد الرحيم اليوسفي في التأثير في المجتمع المغربي ولعب دور الوساطة بين الدولة والحراك غين مؤثر على الاطلاق ولا يمكن ان يسدي أي خدمة لا للحراك ولا للدولة,لان الوضع اليوم معقد جدا جدا جدا.الحراك الذي يرى نفسه مظلوما ومقهورا ومهمشا يلتجئ لقراءة التاريخ بمنظاره الثائر والرافض لكيفية تسيير شؤون البلاد وبالتالي كيفية توزيع الثروات بكيفية مجحفة وغير عادلة .الحراك رجع الى تاريخه الجهوي ورفع اعلامه الجهوية وتخلى عن علمه الوطني من اجل التصعيد ومن اجل ازعاج الدولة المغربية,وبالتالي فقراءة التاريخ من طرف الحراك غير موضوعية وانما هي مقصودة وتريد فقط ان تستغل تاريخ الجهة وتؤوله تأويلا سلبيا اديلوجيا من اجل التصعيد ومن اجل خلق البلبلة والتشويش وعرقلة المسيرة السياسية التي تنهجها الدولة المغربية لان الحراك يريد العيش زالكرامة حاليا وليس مستقبلا.الدولة اليوم عاجزة ان تصحح الأخطاء السابقة التي جعلت الأوضاع الاجتماعية تصل الى هذه الحالة المعقدة والبائسة في جميع الميادين رغم ان الدولة قامت بخطوات جبارة في جميع الميادين ولكن نسيت وهمشت الفئة الفقيرة في المجتمع ولم تعمل بقوة من اجل الفئة الهشة بحيث حسنت أوضاع الفئة الغنية والمتوسطة والفئة الحاكمة والموظفة ولكنها نسيت الفئة الفقيرة وتركتها تتصارع وتكسب عيشها بالمسموح والممنوع,التهريب الفساد السمسرة التجارة في المخدرات الباعة المتجولون ,واليوم تراكمت هذه السلبيات حتى شاعت وتوسعت ووقع فيها ازدحام لا يقبل الزيادة ,فكان لا بد ان يظهر الحراك.واليوم المغرب في جميع انحائه يعيش نفس الأوضاع ويحمل نفس الافكارويشعر بالظلم والاقصاء بينما خيرات البلاد تقسم امام اعينه بين الفئة الحاكمة والموظفة.فمن يستطيع ان يغير الوضع الاقتصادي ويجعله في خدمة الأوضاع الاجتماعية اليوم؟اليوم المغرب لا يحتاج الى رموز تلعب لعبة الوسيط بين الدولة والحراك ولكن في اعتقادي المغرب اليوم محتاج الى وسيط والى رمز والى بطل يستطيع ان يجعل الوضع الاقتصادي في خدمة الأوضاع الاجتماعية الهشة والمزرية والفاسدة.اليوم المغرب محتاج الى رموز الأفعال وليس رموز الاقوال التي ورثناها من الفكر الصوفي والفكر السياسي التقليدي.

تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح