المزيد من الأخبار






كيف تغذت ظاهرة "الحريك" من الشبكة العنكبوتية وحوّلت الناظور إلى حديقة خلفية للحالمين بالفردوس الأوروبي


كيف تغذت ظاهرة "الحريك" من الشبكة العنكبوتية وحوّلت الناظور إلى حديقة خلفية للحالمين بالفردوس الأوروبي
ملف: بـدر أعـراب

اِستِهـلاَلـ..

عندمـا اِرتأت الجريدة الالكترونية "ناظورسيتي"، تخصيص أسابيع بحالها، للاشتغال على ملف ظاهـرة "الحريك"، التي بـاتت تُخيِّم بظلالها على سماء الناظور، وتُلقي باِنعكاساتها السلبية على راهـن الحاضرة، وبلدتها الحدودية الضاحوية "بني أنصار" الواقعة تحت نفوذها الترابي، لم يخرج عـن حسبانها أنْ تُسلّط دوائر الضوءَ على سائر جوانبها، تقليباً للمعضلة الاجتماعية التي أصبحت مؤرقةً للغاية، من كافةِ أوجهـها، ذلك ليس من باب معالجة الظاهرة التي تستدعي إخضاعها للتشريح الدِّراسي من قِبل المشتغلين في علوم السوسيولوجيا والأنطربولوجيا، فضلاً عن انكباب السّاسة على إمكانية إيجاد حلول جذرية لإيقاف نزيفها السيَّال بلا انقطاع، وإنّما اِنصّب عملنا الدؤوب بتركيز على رصدِ الظاهرة عن كثب، بهدف نقل تمظهراتها وتجلياتها بكلّ أمانة، بغرض وضع معطياتها جملةً بين يدي المهتمين بهذا المجال من جهة، ووضع القارئ الكريم أمام صورتها الحقيقية أو تقريبها منه من جهة أخرى، اِنسجاماً مع الدور الإعلامي المنوط بعاتقنا.

أسئِلة حَارقَـة..

فمـن هذا المنطلق، طرحت "ناظورسيتي"، في سياق اِنهماكها على معاينةٍ أقرب ما تكون مجهرية لظاهـرة "الحريك" الشَّاغِلة للرأي العام الوطني والمحلي بخاصة، إثـر تقاطر الآلاف من فئات عمرية معيّنة، تخص تحديداً الأطفال واليافعين والشباب، على مدينة الناظور، بشكل عَرَمْرمٍ وبصورة متزايدة باتت تدعـو للقلق في أوساط ساكنة ما فتئت تـدّق ناقوس الخطر الزّاحف نحوها، (طرحت) الأسئلة الأبرز، باعتبارها المُدخل الأساس لمحاولة الفهم واستوعاب الآفة الاجتماعية، قبل وضعِ الإصبع على مكامـن عِلّتِها، بحيث جرى اِستيفاء ذلك، ضمن سلسلة منشورة سلفاً من ربورتاجات ميدانية معزّزة بالصوت والصورة واِستطلاعات رأي ومقالات وتقارير صحفية، حاولنا قدر المستطاع استفرادها بإجابات شافية، ضمن أعمال صحفية نُشرت على حدة، من ذلِك أسئلة تتعلق في عموميتها إجمالاً، بالبواعث والدوافع والأسباب الواقفة وراء بروز ظاهرة "الحريك"، ولماذا الناظور بالذَّات ما يُشكل أرضيتها الخصبة، بعد تحوّلها إلى قاعة انتظار كبيرة تمثّل أوّل عتبة للتدّرج، نحو بلوغ "الحرَّاكة" ضفاف الفردوس الأوروبي؟.

كيف تغذَّى "الحريك" مِن الشّبكة العنكبُوتيـة..

والواقـع أنه لا يمكن حصر جميع العوامل التي تمخّض عنها انبثاق ظاهرة محاولة شريحة معيّنة، اللّوذ فراراً بجلدها صوب بلدان القارة العجوز، بعد مُخاصمتها وطنـاً إتهمته بكونه ينبذهـا وأنـه لم يعد يتسع لأحلامها البسيطة والكبيرة على ضآلتها، على اعتبار أنها عوامل ترتبط في المقام الأول، بما هو اِجتماعي وسياسي واقتصادي، غيـر أنّ مـا اِستوقفنا، كون "المجتمع الافتراضي" المتّصل بالشبكة العنكبوتية، أصبح أحد الأسباب الأكثر تأثيراً في الظاهرة التي باتت في اِزدياد رقتها نتيجة التغذِّي من وصلاتها وجولاتها الافتراضية، إذْ لا غُـرْوَ في الزَّعم، أنّ المواقع العنكبوتية الخاصة بالتواصل الاجتماعي، ساهمت بشكل أو بآخر، في إفراز شريحة اِختصرت "الحياة" في ما بعد الوُصول إلى أوروبا، وإرجاءِ "عيْشها" إلى غاية بلوغ "الضفة الأخرى" بأيّ ثمن، حتّى لو تطلب الأمر بالنسبة إليها المجازفة براهنها الآني، نتيجة وُقوعها تحت تأثير "المغريات" التي تستعرضها الصفحات الالكترونية، مثلما سنأتي على رُؤية نماذج منه أسفلـه..

نَماذِج صارِخـة..



يظهـر في شريط الفيديو المدرج أعلاه، شابَّـان، وهما من الحراكة سابقاً، قبل أن يفلحا في التسلّل إلى ضفاف القارة العجوز، إذْ يشرحان كيفية الهجرة من ثغـر مليلية المحتل صوب سواحل إسبانيا، بعدما استخلصا دروسها التي يلقيانها، انطلاقاً من مغامرتهما في وقتٍ سابق ذاقـا على مداه الأمرين بمنطقة الناظور، التي تسكعا في أرجائها في انتظار الفرصة المواتية للهجرة، كما توّجه المتحدثان، بخطاب مباشر لفئة القاصرين المغاربة، يحثانهم على القدوم بأيّ وسيلة، تحت ذريعة أن الحصول على أوراق إقامتهم بشبه الجزيرة الإيبرية، أمر سهل المنال بالنسبة لكل حرّاكٍ يافع لم يبلغ بعد شن الرشد، وهـذا وحده كافٍ لكي يسيل لعاب قاصر ما تحيط به ظروف معيّنة تُسهم في دفعه للإقدام على المجازفة المحفوفة بالمخاطر.



حـرَّاك آخر، يستذكر لحظة عبوره إلى جيب مليلية السليب، بواسطة شريط مصوّر، ويتحدث في حين، إلى زملائه الحراكة المتربصين الذين ما يزالوا قابعين خلف الأسوار والأسيّجة الحدودية المحيطة بالمدينة المحتلة، حول كيفية التسلّل إلى عُقر دارهـا حيث يتواجد هـو في انتظار اجتياز المرحلة الأخيرة من رحلة المئة ليلة وليلة لبلوغ الفردوس الأسباني، بحيث يكشف لمن يهمّهم الأمـر، من عين المكان الذي هو تحديداً بجوار الميناء البحري، عن الوسائل التي يتسنَّى لهم "الحريك" من خلالها، للتخفّي عن أعين الشرطة التي لا تتوانى في محاربتهم، قبل أن يُحفِّزهـم على الحريك في دعوةٍ حاثّة على التجريب..



مراهـق استطاع أن يصل الديار الألمانية متسللاً عبر باخرة للمسافرين بميناء مليلية، يسرد تفاصيل مغامرته مع "الحريك"، والحال أنه يوّجه كلامه لزملائه الذين يضعون نصب أعينهم "هدف الحريك" كما هو الشأن بالنسبة للمتحدثين الآخرين عبر الفيديوهات المماثلة التي لا تخرج عن نطاق الظاهرة، والحقيقة أن المتحدث يستعين بتمرير مغالطات للمستمعين الذين يُفترض أنّهم من شريحة الحراكة الذين يتحيّنون دورهم في تحقيق "فرصة العمر"، مشيراً لهم إلى أنّ جواز السفر المرّقم بأيٍّ من المدن المغربية، كالدار البيضاء ومكناس على سبيل العدّ، يُخوّل لهم فرصة ولوج حاضرة مليلية "فقط عليهم تجريب الأمر ليس إلاّ" يردف.



المتحـدث عبر هذا الفيديو، وهو الآخر حرّاك سابـق، يعمد إلى تركيز حديثه الموجه لكافة الحراكة طبعاً، حول التوقيت المناسب الذي يمكن أن يختاره أيّ شابٍّ يروم التسلل سواءً عبر البوابة الحدودية لمليلية أو التسلل إلى الميناء البحري بداخلها وكذلك التسلل عبر باخرة المسافرين، منبهاً إخوته الحراكيين على حدّ وصفه، إلى أن الهندام يلعب دوراً مهماً في كلّ هذه العملية لكي تتكلل المغامرة بنجاح.



ويحكـي الشاب الذي يظهر في شريط السمعي البصري أعلاه، قصة مثيرة يفيد أن تفاصيلها عاشها صديقٌ له تمكّن في نهاية الطريق، من الوصول إلى مدينة برشلونة حيث يقطن الآن متنعماً في بحبوحة العيش، بعد سلسلة معاناة طويلة بأرجاء الناظور وبمحيط ميناء المسافرين بمليلية، موجها ما أسماه بـ"النصائح" للحرّاكة، جميعها تصّب في مسألة تحفيـز هؤلاء على الهجرة التي لا خيار ولا بديل عنها، بحسبه.



يقـدم هذا الشاب "نصائح" يصفها بالمهمة، يقول إنه اِهتدى إلى استخلاص "عبرها" بعد تجربة قاسية ومريرة يحاول تسليط الضوء على أهم وأبرز محطاتها الصعبة، سواء داخل التراب الوطني بمنطقة الناظور، أو داخل حيّز المدينة الرّازحة تحت السيادة الاسبانية، قبل تطرقـه إلى بعض التفاصيل التي تعكس واقـع المعاناة التي يتكبدهـا هـؤلاء منذ بدءِ خوض المغامرة إلى آخر مستقرها، أي بصيغة مغايرة: من ألفها إلى يائها.

صفَحاتُ رأَس الحَرْبة..

كيف تغذت ظاهرة "الحريك" من الشبكة العنكبوتية وحوّلت الناظور إلى حديقة خلفية للحالمين بالفردوس الأوروبي

وعـلاوة على عـرض الفيديوهات عبر الصفحات الافتراضية التي تزخر بها مواقع التواصل الاجتماعي ومنها أساساً فايسبوك، بالنظر إلى تزايد الإقبال عليه وإتساع عدد مستعمليه بالمغرب، نقف على صيغ من منشورات أخرى، لعلّ أبرزها يتجلى في "الستاتوهات" المرفقة أحياناً بالصوّر الموّثقة لنماذج التجارب "الناجحة" في أوساط الحرّاكة، ويميّزها عادةً تعمّدها نقل لحظات "الزَّهـو" و"النَّعيـم" التي يعيشها الواحد من هؤلاء بعد وصوله ديار أوروبا، والأنكى أن هذه المنشورات التي تحمل في الغالب الأعم توقيع من يطلق عليه "حرّاك سابق"، لا تتوقف عن الصدور كـ"ماكينة" تَعْتَمِل بشكل متلاحقٍ تِباعـاً، ثمّ إنّ المتتبع لِسَيْلِها سيقف على حقيقة تميّزها أيضاً بتفاعـلٍ مكثّف منقطع النظير، قياساً بالصفحات التي تُعنى بشؤون مغايرة تماماً، مما يُستشف منه، أن نسبة عدد روّادهـا الذين قد يُساغ اِعتبارهم مشاريع حرّاكة، تقفز إلى أرقام مهولة للغايـة!

نِهايتُـه..

إنّ اللاّفـت في الأشرطة السمعية البصرية، التي يُسارع "الحرَّاكة" السابقون، إلى عرضِها عبر الصفحات الافتراضية بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، وبثِّهـا على شاشة موقع يوتيب العالمي، يكمُـن في تقاطعها المنحصر أساساً في مسألة اِعتماد خطاباتٍ يغترف قاموسها الأوحد من مفردات "التحفيز والتشجيع"، وعرضِها على شاكلة "رسائل" وهيئة "نصائح" موّجهة لطابور أفواج المتربصين بفرصة عبور البحر، بحيث تكاد لا تخلو مضامينها من صياغة حاثّةٍ على دفـع القاصر وَالشاب، على تجريب حظِّـه العاثر في طرق أبواب الحريك، بعد إظهار هذا الحظّ أقرب إلى نيل مبتغاه، الأمـر الذي يثير لهفة الكثيرين فيضطرهم وَقْـع هـذه "الرّسائل" التي لا تُخطئ عناوينها بالمرّة، إلى خوضِ التجربة المحفوفة بالمخاطر، والمفتوحة على كـلّ اِحتمالات الضياع والتشرد، بما فيها اِحتمالية النّزر القليل من بوادر الفـلاح، فلاحٌ يلوح به غـدٌ قد يأتي وقد لا يأتـي..



1.أرسلت من قبل Yassine TL في 24/11/2017 11:30 من المحمول
Had lblad mchat ana had rassl3am ndouz lispain walh mnb9a fhad lablad

تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح