المزيد من الأخبار






في غياب الراحل ذ مقدم فؤاد.. اليوم كان الرحيل المبكر وكان الوداع الاخير


في غياب الراحل ذ مقدم فؤاد.. اليوم  كان الرحيل المبكر وكان الوداع الاخير
محمد بوتخريط . هولندا


تعددت الأسباب.. وغياب الأحبة واحد … وقائمة الغائبين تكبر...
تغير اليوم لون السماء بلون الحزن والبكاء ،
ولم ينتهى الكلام .

- ذكرى..ودمعة

تعود بي الذكرى اليوم .. وأذكر كل شيء عنه.

بكي اليوم الكثيرون من اجله ، وانا اشاهد شريط مٌسجل لجنازته الكبيرة ، شهادات مؤثرة لأناس عاشوا معه .. يعرفونه جيدا، زملاء بكوا وهم يذكرون مناقب الراحل.. ومدى الخسارة التي لحقت بهم لغيابه.

أذكره اللحظة ومن بعيد ولو بمقال .. قد لا يفيه حقه .. ولكنها تذكرة لنا ولاجيال قادمة يجب أن تعرفه .

لا أنسى ابدا شهادته ذات مساء ، وأنه كان أول من أٌعجب بما أكتب: " لم أكن اعرف انك انت من كنتُ أحب ان اقرأ له مقالاته ، فالاسماء مثل اسمك كثيرة في بلدتنا، وصَعُب عليَّ التمييز، لكني ولاني اعرف الآن انك انت (م ب) ساجتهد اكثر في قراءة مقالاتك" قال لي ذات مساء بعد أن تحاورنا بأمور عدة معاً..

تعود بي الذكرى اليوم وافرح .. أذكره و ابكي.

واليوم وقبل أن أقول لك كلماتي الأخيرة..أعلم أنني لن اسمع منك نفس ذات الكلمات...بعد. وانت الكريم الهادئ الخلوق، الدائم التفاؤل، المبتسم البشوش...

- فقيدٌ من عيار الطيب والإنسانية
أتذكر ابتسامته الصامتة الدائمة التي كان يتميز بها ، حتى عندما كان يئن من ألمه ، أتذكر روحه المرحة وتعامله الطيب مع كل الاهل والاحباب والزملاء والأصدقاء.

لم يكن شخصا عاديا .. أو صديقا عابرا ..أو موظفا كباقي الموظفين ..

كان قبل كل هذا وذاك إنسانا ، إنسانا رائعا بأوسع ما تحمله الكلمة من معنى...من النادر جدا أن تقابل مثله، أخلاق عظيمة، علم غزير، وتواضع لا يوصف، وكرم زائد، وحباً للخير وأهله منقطع النظير، إيمانه بالله كان قويا طيلة حياته و بشهادة الجميع.

في عمله ، يعتبر كفاءة وطنية بامتياز في مجال المحاسبة العمومية والانفاق العام ، متميز بتخصصه العالي جدا في ميدان تدبير الصفقات العمومية . فقد تمتع الراحل بـ "كاريزما" قل نظيرها للموظف الكفء.

هي اليوم ، ساعات حزينة عاشها الوسط الوظيفي بعد إعلان نبأ وفاة صاحب الوجه المبتسم الذي رحل وهو في عمر الـ56 بعد صراع مع مرض حاول أن يقهره، فقهره ليخطفه الموت من أحضان عائلته وزملائه ، ويسرق من الحياة عفوية إنسان قلّ نظيره، و أدب فطري قل نظيره.

كان يبتسم للحياة في لحظات كان المرض ينشب مخالبه في جسده .. ويقاوم.

اليوم ودّع الحياة .. لكن ذات الابتسامة لم تغادر مرأى الاحبة..

صاحب القلب الكبير ، الطيب أصر على إبقاء البسمة على وجهه محفورة في ذاكرتنا حتى وهو على فراش المرض .

فقيدٌ من عيار الطيب والإنسانية، إنسان عشقه كل من جاوره وحاوره، وكل من التقاه واشتغل معه ، وكل من تعامل معه.

كلامه ، بل وكل تصرفاته وكأنه كان يمررها قبلاً على ميزان ما يصح وما لا يصح ، لم يكن ينطق إلا بعذب الكلام، تصرفاته كانت عظيمة لا تصدر إلا من طيب الأصل أصيل المعدن، وكيف لا وهو ابن علامة من أشهر الشخصيات التي عرفها الاقليم .

فعلا نصادف في حياتنا شخصيات ، نراها وكأن مكارم الأخلاق قد تجسدت فيها، وكلما تعاملنا معها نردد في أعماقنا أن الخير مازال في الدنيا.


- الوداع الأخير.

ودع الراحل المدينة التي ولد وترعرع فيها، فجاب جثمانه شوارعها ، قبل أن ينقل إلى قرية لهدارة بقرية اركمان حيث دفن هناك إلى جانب قبر والده.

بعد ظهر اليوم ، تجمهر الاهل والاحبة والزملاء والأصدقاء وعديد من الشخصيات السياسية والحقوقية . في مقبرة البلدة ليودعوه الوداع الاخير ويلقوا النظرة الأخيرة عليه قبل أن يشيع إلى مثواه الأخير.

الحزن والبكاء كانا سيدا الموقف في وداعه.

وكم كانت لافته للانتباه تلك الدموع التي طفرت من مقلتي بعض الحاضرين.

- سيرة حياته.

في عام 1961 وفي مدينة الناظور ولد الراحل ذ فؤاد مقدم . التحق بمدرسة عمومية بمدرسة ابن خلدون ودرس فيها دراسته الابتدائية . تابع بعد ذلك دراسته الثانوية بثانوية عبدالكريم الخطابي سنة 1973 ليحصل على شهادة البكالوريا عام 1979.

في تلك المرحلة المبكرة من عمره تركزت دراسته على العلوم التجريبية. خلال الثمانينات أكمل دراسته بالمدرسة الوطنية للإدارة العمومية التي دخلها سنة 1981 وكللها بشهادة التخرج سنة 1985 بميزة مشرفة جدا باحتلال المرتبة الأولى.

بعد تلك المرحلة تم تعيينه مباشرة للعمل بالمصلحة الإقليمية لمراقبة الالتزام بنفقات الدولة بإقليم الناظور.

بعد ذلك عين سنة 1994 كمراقب إقليمي لنفقات الدولة بإقليم بولمان ثم اشتغل سنة 2001 كمراقب جهوي بمدينة وجدة.

ليعود بعد ذلك سنة 2013 الى مدينة الناظور بعد أن عُين كمدير للخزينة الإقليمية لتكون العودة الاخيرة الى المدينة التي بقي يعمل فيها إلى أن وافته المنية 24 يوليوز 2017.

هذه سيرة ومسيرة قصيرة نذكرها اليوم ، يوم رحيل الاستاذ فؤاد مقدم وهو في ريعان الشباب .

تعددت الأسباب.. وغياب الأحبة واحد … وقائمة الغائبين تكبر ..

انتهى وتغير لون السماء بلون الحزن والبكاء.

اليوم ، كان الرحيل المبكر، وكان الوداع الاخير .

رحلت وتركت لنا ابتسامة صافية من انسان صادق..

رحلت وتركت لنا المعنى الحقيقي للإنسان...

الى جنة الخلد مع الصديقين والشهداء،

رحمك الله ، فإن قدر المبتسمين ان يذهبوا سريعا.







تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح