المزيد من الأخبار






في ذكرى اليوم العالمي للتراث والآثار.. المعالم التاريخية بالريف: مقابر الشهداء نموذجا


في ذكرى اليوم العالمي للتراث والآثار.. المعالم التاريخية بالريف: مقابر الشهداء نموذجا
ناظورسيتي: اليزيد الدريوش

بتاريخ 18 أبريل من كل سنة يحتفل العالم باليوم العالمي للتراث والأثار. وبهذه المناسبة ارتأينا أن نقدم هذه المقالة المتواضعة عسى أن نقدم ولو لمحة بسيطة عن الذين صنعوا الاستقلال وانتزعوا الحرية من الغاصب المستعمر. أقصد شهدائنا الأبرار ومقابرهم التي طالها النسيان مثلما طالت أصحابها، لقد قدم الريف قوافل من الشهداء منذ احتلال مليلية سنة 1497، لم تبخل منطقة الريف أزكى أرواح شهدائها. فجغرافية الريف يحوي مجموعة كبيرة من المقابر الشهداء.

لقد قمنا بزيارة إلى أحد مقابر الشهداء ببلدية بني انصار ووقفنا على ما آلت إليه مقبرة الشهداء "أولاد الزهرة". غنه لا شيء مخزي ويندى له الجبين أن تؤول مقبرة الشهداء إلى ما هي عليه. لقد نبشت معظم قبور الشهداء وانتهكت حرمتها وعبثت برفاتها، هذه المقبرة التي دفن فيها الشهيد محمد أمزيان بوخرطة من قبيلة آيت سعيد رفقة 14 شهيداً سقطوا في ساحة الشرف في معركة "إغزار ن ؤوشن- 27 يوليوز 1909". ( انظر العربي الورياشي، الكشف والبيان).

لقد أصبحت هذه المقابر مكشوفة الرفاة مبعثرة العظام لا من يحترم محيطها ولا من يوقر ماضيها العظيم، على عكس مقبرة "سيدي ورياش" التي يرقد فيها جثامين معركة سيدي وريش ( 2 أكتوبر 1893). هذه المقبرة التي دفن فيها 300 شهيد ( انظر خالد بنصغير، بريطانيا وإشكالية الإصلاح في المغرب). هذه المقبرة نظيفة منظمة تتوفر على حارس يسهر على حراسة وحماية محيطها. بالإضافة إلى جثامين 300 شهيد، يرقد فيها جثمان الشهيد سعيد السلاوي الذي شغل دور وسيط بين الخطابي والإسبان. فما كان من الإسبان إلا أن قاموا باغتياله مشككين في ولائه لابن عبد الكريم الخطابي. وكذلك يوجد في المقبرة جثمان الشهيد عمار قدور السعيدي الذي جاهد في صفوف الثورة الخطابية إلى حين أسره من طرف الجيش الاسباني، وقد سجن بسجن "ريشترو غورضو" وقام بالإضراب عن الطعام لمدة 15 يوما إلى أن توفي ودفن بمقبرة سيدي ورياش.

ولمن يزور مدينة أزغنغان فقد يتعرف بسهولة على ضريح عريس الشهداء بالريف، الشريف محمد أمزيان، المتواجد عند مدخل المدينة ( مقبرة سيدي أحمد عبد السلام).

وفي بني سيدال، توجد مجموعة لمقابر الشهداء تحوي على جثامين رفاق الشهيد محمد أمزيان، فمنها على سبيل المثال لا الحصر: مقبرة "فوذ ن ورغام" بإحماشن تحديداً، ومقبرة الشهداء "الروضث إمزيانن" بنفس الدوار.

وفي منطقة إيبقوين ب "رخميس أقذيم" يوجد ضريح الشهيد ميمون خوجة شهيد معركة "إغزان ن ؤؤشن".

وبتوجهنا إلى "بوغافر" نجد واحدة من أقدم مقابر الشهداء بالريف، فبدوار "أيت ورث" قرب "بوحمزة" نجد المقبرة المعروفة ب "تمنصورت"، هذه المقبرة التي دفن بها جثامين شهداء مدينة غساسة الذين سقطوا ما بين 1506-1533 ( انظر عيسى البطيوي، مطلب الفوز والفلاح، تحقيق حسن الفكَيكَي).

وغير بعيد عن "أيت وارث" توجد مقبرة لشهداء الثورة الريفية. فبدوار بوحمزة توجد مقبرة "دّمنث ن دحو"، حيث دفن شهداء مازالت الذاكرة الشعبية بالدوار تتذكرهم. والشيء المؤسوف له هو أن هذه المقبرة عرفت نفس مصير مقبرة "أولاد الزهرة". وبترجلك بنحو نصف كلم عن هذه المقبرة، توجد مقبرة الشهداء "سيدي محند أوعدجو". هذه المقبرة التي يعود عهدها إلى فترة مولاي إسماعيل.

ولا ننسى ضريح الشهيد "سيدي علي ن تمشارت" في الجبل المعروف ب "أطاليون"، هذا الشهيد الذي سقط أثناء حصار محمد بن عبد الله لمليلية ما بين 1773- 1775.

هكذا نجد الريف يتوفر على العديد من مقابر الشهداء. كما لا ننسى مقبرة "السبت إحدّادن". هذه المقبرة التي دفن فيها المئات الشهداء الذين سقطوا في معارك الثورة الريفية بتاريخ 2 أكتوبر 1921. يقول المقيم العام الإسباني "دامسو برينكر" عن شهداء إحدادن: "لا أذكر أنني شهدت في حياتي قتالا أعنف من هذا الذي رأيته اليوم". وعن الخسائر التي تكبدها الريفيون، قال:" إن نسبة ما يزيد 200 من القتلى كانوا مرميين بميدان القتال" ( انظر خوان باندو، التاريخ السري لحرب الريف). وفي كتاب للراحل محمد بنعزوز الحكيم الموسوم ب "أنوال" يتحدث المؤرخ عن معركة سيدي إدريس التي خاضتها المجاهدون بتاريخ 2 يونيو 1921، وانتصروا فيها عن الاسبان لو تدخل الطيران والبارجة "لاجا"، اللذان أرغما المجاهدين على الانسحاب تاركين ورائهم مجموعة من الشهداء دفنوا بنفس الموقع. فقد حصل لي الشرف أن زرت مقبرة الشهداء "سيدي إدريس" بتمسامان وترحمت على أرواحها الطاهرة، ويقال أن معركة سيدي إدريس هي المعركة التي سقط فيها أكبر عدد من الشهيدات الريفيات.

وتبقى أغرب مقبرة للشهداء هي التي اكتشفت بعد استقلال المغرب بدوار"إياسينن" بفرخانة وبالضبط بالمكان المعروف ب "ثحبوط ن ادريوش". هي مقبرة دفنت فيها رؤوس فقط دون الأجسام، والتي تشهد عن بشاعة الاحتلال الاسباني.

وفي الأخير نتمنى أن نجد مقابر شهدائنا في الريف، مثلما وجدناها في مقبرة الشهداء ب "سيدي ورياش". والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار.

1-مقبرة الشهداء سيدي ورياش







2-مقبرة الشهداء سيدي إدريس





3-مقبرة الشهداء طوريطا





4-مقبرة الشهداء إغزارن ؤشن







تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح