المزيد من الأخبار






زوجوني، بغيت نتعرس - بعض طقوس العرس المغربي


زوجوني، بغيت نتعرس - بعض طقوس العرس المغربي
بقلم جـمال أزضوض

ها نحن ذا ننعم بالصيف بحرِه ببحره وبشمسه. فبعد فصل شتاء كامل كريم مِعطاء داعبتنا قطرات مطره حينا وفررنا من بعضها حينا اخر، يطل علينا الصيف كما عودنا بدرجات حرارته المتفاوتة التي مهما شكوناها الا انها نعمة ربانية فيها من الخير الشيئ الكثير ولعل ابرزها الاستجمام بالشواطئ ولقاء احبابنا من المهجر أو ما يصطلح عيلهم بالدارجة المغربية "الفاكانس" والتلذذ بالعديد من الفواكه والخضروات التي اوحى اليها العلي القدير بان تعطي ثمارها بهذا الصيف.

لكني في مقالي هذا احببت ان اوجه ضوء مصباحي صوب الحدث الذي يطبع كل صيف بشكل كبير.. (الزواج والاحتفالات، الاعراس، الدفوع، الدقة المراكشية، الدجاج واللحم والبسطيلة، تكاشط واللبسات. الشطيح والرديح، الامداح والدروس الدينية) كلها طقوس وعادات وموروث ثقافي يأبى ان يندثر.. هو الاحتفال باليوم الذي تُزف فيه الزوجة لزوجها في جو من الفرحة يخلقها كلٌ بطريقته.

بسم الله..

لا يهمنا اليوم كيف تعرف عليها "شافها فالحانوت ولا عند مولات المسمن ماشي شغلنا" المهم هو انه تقدم لخطبتها وهي "مكانتش من العاكزين" أعحبت به ولم تجد سببا لرفضه، اتفقا ان يتفقوا وتمت كل الاجراءات في سلام وسعادة تبدوا عليهم علامات الحب من أول نظرة وهم يوقعون صك الزواج. خططوا للاحتفال بزواجهما بحرص شديد مستحضرين جزئيات يحبها كليهما. فمثلا ومن بين شروطه أخبرها وهو يبتسم "ماديريش الحنة مكاتعجبنيش" ردت وهي تبادله الابتسامة ونظرات خجولة "حتى انا مكتعجبنيش ولكن.." يبدوا ان نسبة كبيرة من هذا الجيل لا يحب الحناء لكنه يظل مقيد بالتقاليد وهذا ما تفهمه الزوج " ديريها بصح دوزي شهر العسل فتصبان."

يوم قبل اليوم الموعود..

على ايقاعات الدقة المراكشية و بيب بيب السيارات وصل أهل العريس لمنزل العروسة في طقس من طقوس الزواج يسمى 'بالدفوع' وهو اليوم الذي يرسل فيه العريس بعض لوازم الاحتفال بيوم 'الحناء' في بيت زوجته على طريقة 'جوج جوج من الحاجة' وتختلف هذه الامور من عرس لأخر ويكون حسب المتفق عليه عند البعض.. وفي ليلة هذا اليوم تحتفل العروسة بليلة حنائها حيث تحضرها عائلتها وصديقاتها اللاتي يباركن لها ويفرحن معها. بعضهن من قلبهن الخالص وبعضهن 'اللهم لا حسد..'

من جهة أخرى احتفل الزوج بليلة تختلف تسميتها فهناك من يسميها ليلة الحناء ايضا حيث يضعون بعضها في وسط يده ويقسمون الباقي على الحاضرين والاكيد ان عريسنا مسحها بعد وضعها مباشرة 'دارلهوم الخاطر وصافي' وهناك من يسميها ليلة 'الرازيق' حيث يلبسون العريس جلباب أبيض أو 'سلهام' يدنيه عليه حتى لا يُرى وجهه ويجتمع الحاضرين من الذكور على شكل حلقيات ويرددون 'سبحان الرازق، سبحان الخالق.. سبحان الباقي بعد الخلائق' ذهابا ثم 'وارحمنا يا الله وارحم واليدينا.. هما رباونا ورضاو علينا' ايابا. ويعيدون الكرة عدة مرات حتى يجلسون العريس على عرشه ويرقصون حوله فرحا باكتمال دينه.

اليوم الموعود..

رغم ان عائلة العروسين نصحاهم بأخذ قسط كاف من الراحة والنوم قبل ليلة الزفاف الا ان ارتباكهم من القادم حال دون ذلك. اقترب موعد رحلة الامير الى اميرته والناس وصديقه 'مول الميرسيديس' يضع اللمسات الاخيرة على سيارته لتنال شرف توصيلة العروس. الحاضرين الذكور 'ضاربين التكستيمة' الاناث 'ضاربات التكاشط' المتزوجون مع بعضهم، العُزاب متفرقون يتبادلون النظرات مع العازبات عسى ان يجعلوا من العرس اعراس.

بيب بيب بيب بيب يويويويوي، يأخذ العريس هاتفه يكلم عروسته 'واش راكي واجدة نجي؟' ترد بالايجاب فيسلم هاتفه 'للوزير' وهو شخصية مهمة بالعرس المغربي ويعتبر اليد اليمنى للعريس وغالبا ما يكون الاخ الاصغر للعريس او احدا من أقربائه، وهكذا يكون الوفد في طريقه لبيت العروس. فور وصوله يهرع أهلها، يؤدي بعضهم دور شرطي المرور حيث ينظم عملية السير حتى تتمكن سيارة العريس من الوصول لحد عتبة منزل العروس كما يسهل عملية خروجها، نزل العريس وهو يحمل وردا زاهية الوانه 'واخا ديال بلاستيك' يدخل فيجد اميرته تنتظره بفستانها الابيض تبتسم في وجهه تارة وتذرف دمعة او دمعتين تارة اخرى حزنا على فراق امها، أخواتها وأهلها.

تأتي احداهن تناول العريس خاتما فيدخله في الاصبع ما قبل الاخير بيسراها وكفعله تفعل هي الاخرى، ثم تناولهم التمر والحليب في طقس يعتبر الاهم في حفل الزفاف. وفي هذه الاثناء تنهال عليهم الاضواء والكاميرات ('كل وحدة بغات توري لصحاباتها كيفاش كانت كاتبان العروسة' وليفتحوا النقاش بعد العرس 'واش العريس حسن من لعروسة ولا هي اللي حسن بيه' ومجموعة من التفاصيل الله وحده اعلم بها. وللعلم فقط (الرجال ايضا اصبحوا ينخرطون في مثل هكذا نقاشات.)

وبينما يخرج العريس وعروسه متجهين للسيارة التي ستقلهم الى الحدث الاكبر تختلط المشاعر فهناك من يضحك ويرقص وهناك من تنزف عيناه دمعا على فراق العروسة ' خاصة يلا كانت عزيزة فدارهم' وأخص هنا أم العروس والتي تمنعها التقاليد من حضور حفل زفاف ابنتها في بيت زوجها.

بيب بيب بيب بيب يويويويوي، وبنفس الايقاع يعود الوفد ادراجه والكل فرح بقدومهما منتظرين رميهم بالحلوى, تخرج الام حاملة العسل بيدها وهم لا زالا في السيارة تناول زوجة ابنها بعض من العسل بأصبعها حتى تدوم الايام الحلوة بينهن ثم ينزل العريس من جهته ويفتح باب الجهة الاخرى يبسط يده فتناوله يدها ويتقدما بخطوات متثاقلة نحو قاعة الحفل.

في قاعة حفل زفافهما جو اخر، روعة تمشي على الارض. يقف كل الحاضرين يصطفون ويصفقون لهم بحرارة فتراها مطأطئة رأسها خجلا وتراه يحيي الحاضرين بيده الخجولة حتى يصلا عرشهما, وهكذا يكونون محط انظار الجميع ومن المشاهير حيث يبدأ وقت اخذ الصور بدأً من ام العريس واهله واهلها الى اخر واحد حاضر باستثناء 'هادوك اللي مين كادوز حداهم الكاميرا كايدخلو تحت الطبلة' ثم تأتي 'لالة النكافة' لتخرجها من القاعة بزي وترجعها مرة أخرى بزي مختلف تماما عن الذي سبق. بعضه يمثل بعض المناطق بالمغرب كـ'اللبسة الشمالية' مثلا، وفي بعض الاعراس ينطبق هذا الطقس على العريس هو الاخر حيث يلبس الزي الرسمي حين تلبس عروسته فستان الفرح ويلبس ما يعرف بـ'الجابادور' مع باقي أزياء العروسة.

في السابق كانا العروسين ما ان يعلن عن جاهزية العشاء حتى ينصرفا من الصالة الى ان ينتهي الحضور من عشائه. اليوم فلا، أصبحا يتناولان وجبة العشاء مع أهلهما في طاولة خاصة 'مامفاكينش' وتبقى تقسيم الحلوى أو مايصطلح عليها ب'لا طارط' هي الاشارة الواضحة على انتهاء العرس لينصرف كل الى حال سبيله. سـالينا

ملحوظة: المكتوب اعلاه هو بعض مما يتضمنه العرس المغربي ويبقى الاختلاف أكيدا باختلاف المدن والجهات والثقافات، وما أود ان اشير اليه بشدة هو أن نية كتابة هذه السطور تدخل في اطار المستملحات وفقط.. أتمنى ان تكونوا قد استمتعتم بكل سطر اقترفته يداي .. شكراً


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح