المزيد من الأخبار






رمسيس بولعيون يكتب ..مدينة بدون نخب أو مدينة بنخب جوج فرانك


رمسيس بولعيون يكتب ..مدينة بدون نخب أو مدينة بنخب جوج فرانك
بقلم: رمسيس بولعيون

إن مفهوم النخبة و في تعريفه العام، المتعارف عليه، هو مجموعة من الأشخاص الذين يتميزون عن غيرهم و لديهم قدرة أكثر من البقية، في مجالات مختلفة، فيكثر الحديث عن النخب الثقافية أو النخب السياسية و كذلك النخب الإجتماعية... و لعل دراسة "توم بوتومور" حول النخبة و المجتمع أجابت عن عدة أسئلة و إشكاليات تتعلق بالنخب، لكن ورغم زخمها لم تعطِ تفسيرا أو إجابة على الحالة التي تعيشها مدينة الناظور و منطقة الريف ككل.

فهي حالة مستعصية على الفهم ولن يستطع حتى أكبر دكاترة علم الإجتماع والنفس على تحليلها وإعطاء تفسير للحالة التي تعيشها أو بالأحرى ما تعيشه شبه النخب المتبقية في هذه المدينة التعيسة، فلا يخفى على العارفين بخبايا المنطقة والناظور والريف ككل كانتا وحتى أواخر التسعينات، منبعا لنخب سياسية وثقافية، كانت تصّدر أفكارا و تقوم بمبادرات ذات طابع السبق على الصعيد الوطني.

ولعل تجربة الإنطلاقة الثقافية تعطينا خير مثال على قدرة أهل الريف على التميز عن غيرهم، لكن خلال العشرين سنة الأخيرة، عرف الريف تراجعا فضيعا وانقلبت الآية حيث أصبح الريف يفتقر لنخب حقيقية في كل المجالات، أما البعض ممن يتقنون الهروب إلى الأمام، دائما ما يلجؤون لمبررات جاهزة ويرجعون هذه الحالة (من عدم وجود نخب)، لكون جل الكفاءات قد هاجرت إلى مناطق أخرى داخل الوطن أو خارجه، لكن الحقيقة المستفزة إن لم نقل الجارحة، أن هذا مجرد إخفاء لواقع أزمة النخب التي نعيشها، بل أكثر من هذا فهذه النخب المهاجرة إن صح التعبير، ليس لها أي تأثير حقيقي واصطدمت بواقع أخر ووجدت نفسها متجاوزة، مما جعلها لا تحمل سوى إسم النخبة، وأصبحت شبه منسية.

لنجد أنفسنا مجبرين على طرح سؤال ما السبب الذي جعلنا نعيش أزمة النخب السياسية والثقافية هذه؟ والإجابة عنه بوضوح حتى نتمكن من فهم و لو القليل مما حدث. إن إنغلاق و تقوقع هذه الفئة في وقت معين كان بداية لإعلان إنقراضها بل وموتها، حيث بعد النشاط و الحركية الدائمة على المستوى السياسي و الثقافي و الإجتماعي التي عرفتها المدينة و المنطقة، و في تغيير مفاجئ و في زمن قياسي عاشت ركودا لم يسبق أن عاشته من قبل، و قد أتى ذلك بالفعل، في ظرف وطني عرف عدة متغيرات و مستجدات خصوصا منها السياسية، مما جعل نخبتنا تائهة و ضائعة، و لم تكن مستعدة لهذه التقلبات و لم تساير سرعتها، مما جعلها تدخل في شبه عزلة منكمشة على بعضها، مكتفية بمناقشات بيزنطية لا طائل وراءها، لم تكن تتجاوز المقاهي أو أماكن أخرى".....". و هذا ما أدى فعلا إلى عدم تكوين أجيال جديدة قادرة على الإستمرار في ذلك التميز، كما أن الجمعيات تراجعت عن دورها في التأطير وإخراج أطر ثقافية و سياسية، في حين إكتفت الأحزاب السياسية بالنضالات الموسمية أو بمصطلح أدق تحولت لدكاكين إنتخابية ولا شيء أخر، مما جعل الساحة فارغة، وهذا ما إستغله "شبه النخب" للظهور، مستغلين الظرف و تحولوا في غفلة من الجميع لأرقام لا يمكن تجاهلها بسهولة. و عندما أراد بعض ممن كانوا يمثلون النخب الحقيقية للمنطقة العودة و الإشتغال من جديد، و جدوا أنفسهم متجاوزين و خارج هذا الإطار الزمني سواء في طريقة التفكير أو العمل، مما جعلهم يصابون بإحباط، و هنا مرة أخرى إرتكبوا خطأ ثانيا أفظع من خطأهم الأول و إنسحبوا تاركين المجال فسيحا أمام الأخرين، لنصبح اليوم بالفعل مدينة بدون نخبة أو مدينة بنخبة جوج فرانك.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح