المزيد من الأخبار






رضوان هربال يكتب.. الناظور.. مدينة لا تسمع أصوات مواطنيها إلا يوم الاقتراع!


رضوان هربال يكتب.. الناظور.. مدينة لا تسمع أصوات مواطنيها إلا يوم الاقتراع!
بقلم: رضوان هربال

أشتاق إلى البوح، ربما أرتاح قليلا عندما أفسح المجال لنفسي بالبوح، لأحد الأحبة، أو ربما لأحد الأعداء، نعم العدو هو من سيصارحني ويعطيني تحليلا منطقيا، أنتم الأحبة مجاملون ومنكم من هو منافق.

صديقتي "سيلفيا" قادمة من إسبانيا، ستصل غدا في الصباح، فكرت طيلة الليلة من أين سنبدأ جولتنا غدا، أصابني صداع شديد، شربت حبة دواء وخلدت للنوم. صباحا عندما وصلت صديقتي "سيلفيا"، بعد وجبة الفطور التي وصفتها بالرائعة قبالة بحيرة مارتشيكا، اقتحمنا أزقة المدينة، كل المشاهد كانت توحي بصور مقززة وعشوائية لا مثيل لها، بمجرد ما تمعن النظر في الصورة للحظات تصاب بدوار وحرقة شديدة.

"سيلفيا" بجانبي تلتقط الصور، ثم وجهت لي الكلام: انظر إنها رائعة هذه التحف المعمارية التي تركها جيش فرانكو، لكن انظر لماذا هي الأرصفة يشغلونها هؤلاء الباعة؟ حتى الأزقة لا تظهر بشكل جيد في الصورة، انظر إلى وسط الطريق ما كل تلك العربات التي تسير وسط الطريق، إنه لا يمكننا السير بشكل عادي ولا يمكنني التقاط ولا صورة واحدة لها معنى واضح، هؤلاء يغطون أزقة المدينة كلها.

صديقتي "سيلفيا" العيب فيك لأنك لم تعتاد على هذه العشوائية، هنا المواطنون يسيرون بشكل عادي، هذا أصبح جزء منا، لا يمكننا الاستغناء عنه، إذا أصبح كل شيء كما في المدن الأخرى، سيصبح الأمر صعب لا شك أننا سوف نعجز عن الاعتياد.

إن هذه العشواية نحن صناعها، لذا يمكننا العيش بعشوائية أيضا، حتى أنه يمكنني أن ألتقط صورا لها معنى عميق، تبين الغضب الذي طال هذه المدينة والذي لا يريد أن يفارقنا، صديقتي إن هذه العشوائية ليست إلا نموذجا لحال مجلس يجمع مسيروها.

هنا المواطن لا يعيرونه أدنى اهتمام ولا التحف ولا الأزقة، لا شيء يسكننا إلا التفاهات، إنني لم أعد أقدر على تمييز ملامح المدينة، إنها تستنجد لكن صوتها غير مسموع، الصوت هنا يسمع فقط يوم الاقتراع.
عبرنا إلى الجهة الأخرى من الطريق، عسانا نجد ما هو أفضل، أصبحت أبحث عن كل الثانويات التي يمكنني أن أجد فيها ما يجعلني أفتخر أمامها قليلا بشيء يعنينا أو يرمز إلى هوية المدينة، أهو محال أن لا أجد ما أبحث عنه؟ أهو غير موجود في الأساس؟ إن هذا لا أعرف له سبب.

كل ما حولي ظلام دامس في ظلام، لا شيء يسترجع ابتسامتي، إنها فسحة مريعة، الزمن يمر ببطئ، قاطعتني سيلفيا عن التفكير: رضوان في المكتبة يمكننا أن نجد شيئا يعطينا فكرة حول معالم المدينة والإنجازات الحديثة التي يمكننا زياراتها.

أجبتها مبتسما، ووراء الابتسامة يختبئ حرج كبير: في المدينة لا توجد مكتبة.

- أهذا صحيح؟

لا أعلم من هو المذنب لنكون هكذا، أشياء كثيرة تنقصنا، تجعل الوقت يمر كالسنوات العجاف، مريرة. هنا فقط يمكنني النوم، القراءة، العمل والمشاهدة وكل هذا لساعات طويلة والشمس لم تغرب بعد، يستهويها أن ترانا اليوم بأكمله مهانون ومذلون.

مدينتي تفتقر إلى أشياء كثيرة بل إلى كل شيء، إن الغيرة مرض ولكن هم لا يمرضون، مدينتي لا تؤمن إلا بالعشوائية.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح