المزيد من الأخبار






رأي.. ما الفائدة من الجهاز الجديد المعتمد من الوزارة لتفتيش تلاميذ الباكالوريا؟


رأي.. ما الفائدة من الجهاز  الجديد المعتمد من الوزارة لتفتيش تلاميذ الباكالوريا؟
كاتب المقال : عبد الكريم السقالي

أعجبتني كثيرا عبارة أحد أصديقائي في الفايسبوك „ أعرف الكثير من المسؤولين الذين يستحقون هذا الجهاز قبل التلاميذ“، والمقصود هنا هو الجهاز الذي أطلقته هذه السنة وزارة التربية الوطنية و التعليم العالي و تكوين الأطر و البحث العلمي في المغرب لتفحص التلاميذ أثناء دخولهم لقاعة الإمتحان و الذي يكشف عن ما إذا كان التلميذ حاملا لأحد وسائل الغش في الباكالوريا و منها الهاتف النقال، الأيباد أو أحد أجهزة التكنولوجيا الحديثة التي تسهل على التلميذ المغربي عملية النقل في الإمتحان. و إذى تأملنا في هذه الإستراتيجية التي إعتمدتها الوزارة هذه السنة نجد الكثير من الأسئلة التي تطرح في هذا الصدد و منها: هل سيتم بالفعل تطبيق هذا القانون في جميع المؤسسات التعليمية بالمملكة؟ هل ستعتبر الباكالوريا المغربية بعد هذا باكالوريا نزيهة و معترف بها دوليا؟ كيف سيكون أيضا تأثيره على نفسية التلميذ؟ أما السؤال الأهم فهو؛ لماذ لا نستطيع أو لماذا لم ننجح كأمة إسلامية في تربية أولادنا على المنهج الديني الذي يحث الغش؟

نعم، إنه إختراع سيكون له نتائج جد جيدة لو تم تطبيقه على بعض المسؤولين في المغرب لمعرفة مصير أموال الفقراء، الذين يزاولون شتى الأعمال الشاقة لجلب لقمة العيش و في الأخير يجدون نفسهم ضحية الفواتير الشهرية للماء و الكهرباء، ضحية الرشوة في الإداراة للحصول على أبسط الوثائق، ضحية في المستشفيات وعدم الحصول على الأدوية التي خصصت مجانا للفقراء ،لا و بل أيضا ضحية الشرطة في الطرقات. نعم إنها حقيقة مهما حاول الإعلام إخفائها فهو يظهرها بشكل آخر. إذا قمنا فقط بمقاربة صغيرة بين سياسي في المغرب و قرينه في أروبا سنلاحظ فرقا كبيرا، فرقا يتجلى قبل كل شيء في المستوى المعيشي لكل منهما، فالسياسي المغربي مثلا يملك عدة منازل في مختلف أنحاء البلد، سيارة فاخرة و عدة أملاك أخرى التي لا يعلم بها إلا هو و عائلته، أما السياسي الأوروبي الذي يستعمل الدراجة الهوائية للذهاب إلى مكان العمل و قضاء وقت فراغه يملك فقط شقة قد يعرف مكان تواجدها أي واحد من الشعب.

لكن ليس هذا هو الشيء الذي أود أن أركز عليه في هذا المقال، فإنتقاد السياسين ليس من إهتمامي حاليا، و إنما إهتمامي هو ذالك الجهاز الذي يشبه أجهزة التفتيش في مراكز الشرطة و في المطارات للبحث عن السلاح الأبيض و المخدرات و ما شابه.

لنفترض أن هذا الجهاز قرار صائب من الحكومة أو من وزارة التربية الوطنية، فهل سيتم حقا تنفيذ هذا القرار في جميع أنحاء المملكة؟ ربما ستكون إجابتي إجابة مسبقة إن قلت أن هذا القرار لن يتم تنفيذه في جميع المؤسسات التعليمية، لا بل وربما سوف يتم السماح علنا للتلاميذ باستعمال الهواتف النقالة أثناء الامتحانات و هذا ما سيأكده معظم التلاميذ في الأيام المقبلة. و هذا الشيء راجع قبل كل شيء إلى المستوى الدنيئ للتلميذ المغربي و الأمازيغي بالخصوص في المواد اللغوية.

أما السؤال عما قد تصبح الباكالوريا المغربية باكالوريا نزيهة و معترف بها في بعض دول العالم و منها الدول المغربية، فلا أعتقد ذالك نظرا أن الدول الأوروبية تنظر إلى المغرب كبلد من بلدان العالم الثالث الذي يجب يجب عليه إصلاح العديد من المؤسسات في مختلف المجالات و الميادين و الإهتمام بحقوق المواطنين قبل إختراع جهاز لا فائدة منه سوى إرعاب التلميذ و التشويش عليه.

أما النقطة الأهم التي أريد التطرق إليها في مقالي هذا فهي دور الأسرة أو الوالدين و دور الأطر التعليمية و المجتمع في توعية التلميذ بخطورة هذا العمل الذي يزعم به أثناء الإمتحان و الذي يتجلى في الغش بكل أنواعه، فإذا كانت الأطر التعليمية ذات تجربة و معرفة عن خطورة هذه الظاهرة، لماذا لا يحاولون الشرح للتلميذ مسبقا عن العقوبات التي قد تتجلى في طردهم من المؤسسة التعليمية، لماذا لا يبحثون مثلا عن حلول قد تساعد التلميذ على التركيز و الإستعداد الصحيح للفروض و الإمتحانات و بالتالي الحصول على نقط جيدة و عدم اللجوء إلى الطرق الغير الشرعية. أما أغلبية الأسر المغربية فلا يمكن لومهم لأن معظمها أمية و بالتالي لا تفهم لا كيف تحفز الإبن أو البنت للمشاركة النزيهة في الإمتحانات و عدم الغش و هذا هو أيضا حال المجتمع المغربي.

في الأخير أود الإشارة إلى الجانب الديني، فأينا نحن من ديننا الحنيف و من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم الذي ينهى في الكثير من الأحاديث عن هذا الأسلوب، ففي الحديث مثلا؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌ لرعيته إلا حرّم الله عليه الجنة » أما الله تعالى فقد ذم أهل الغش و أصحابه في القرآن وتوعدهم بالويل، ويُفهم ذلك من قوله تعالى: { وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينْ . الّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُون . وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ }.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح