المزيد من الأخبار






دراسة تحليلية لأسباب انخفاض النمو السكاني ب"ايت سعيد" من سنة 2004 إلى 2014


دراسة تحليلية لأسباب انخفاض النمو السكاني ب"ايت سعيد" من سنة 2004 إلى 2014
سفيان أشن

بلغ عدد سكان بلدة "ايت سعيد" المنتمية ترابيا لإقليم الدريوش 24.835 نسمة وفق نتائج إحصاء 2014 المعلن عليها من قبل المندوبية السامية للتخطيط في الفترة الأخيرة. وهذا العدد هو مجموع سكان الجماعات الأربع المكونة لبلدة "ايت سعيد" حيث تعد جماعة "دار الكبداني" نواتها الأصلية بعدما تفرعت عنها جماعة: "أمجاو"، و"ايت مايت"، و"تزاغين". وتأتي جماعة "دار الكبداني" في المقدمة في عدد السكان الذي بلغ 9.911 نسمة، وتليها جماعة "ايت مايت" ب 5.613 نسمة، متبوعة بجماعة "أمجاو" ب 4.988 نسمة، فيما سجلت جماعة "تزاغين" المرتبة الأخيرة ب 4.323 نسمة.

لا يمكن تحليل هذه الأرقام والمعطيات الإحصائية إلا بالعودة إلى نتائج الإحصاء المسجلة في سنة 2004، حيث سنعمل على إجراء مقارنة بين النتيجتين، والتي سنعتمد عليهما للوصول إلى نسبة النمو السكاني أو الديموغرافي على مستوى هذه المنطقة، ولنفهم أيضا أسباب وعوامل التي تؤكد الأرقام التي سنقف عندها، أنه في انخفاض كبير.

فحسب نتائج إحصاء 2004 تبين أن بلدة "ايت سعيد" كان يسكنها 28.871 نسمة، إذ سجلت جماعة دار الكبداني كما العادة المقدمة من حيث عدد السكان الذي بلغ 10.674 نسمة، واحتفظت جماعة "ايت مايت" نفس الترتيب بعدد سكان وصل إلى 7.188 نسمة، وحلت جماعة "أمجاو" ثالثا بعدد سكان بلغ 5.977 نسمة، وحققت جماعة "تزاغين" المرتبة الرابعة بعدد سكان وصل 5.032 نسمة.

ونلاحظ من خلال هذه المعطيات أن معدل النمو السكاني انخفض بشكل كبير، فبين سنة 2004و 2014، أي خلال 10 سنوات، فقدت بلدة ايت سعيد 4.036 نسمة، حيث سجلت جميع الجماعات انخفاضا في نسبة النمو السكاني. فجماعة دار الكبداني فقدت 763 نسمة، وجماعة "ايت مايت" فقدت 1.575 نسمة، فيما فقدت جماعة "أمجاو" 989 نسمة، أما جماعة "تزاغين" فقد فقدت 709 نسمة.

كما أنه لفهم هذه المعطيات يجب ألا نغفل ثلاث عوامل ذات أهمية كبيرة تتحكم في انخفاض أو زيادة نسبة النمو السكاني وهذه العناصر، هي الولادات والوفيات والهجرة. فعدد المواليد الجدد يساهم في زيادة عدد السكان وحالات الوفاة فهي تساهم في انخفاض نسبة النمو الديموغرافي، أما بالنسبة لعامل الهجرة فهو الآخر له تأثير على نسبة النمو السكاني فإما أن يؤدي إلى الانخفاض بسبب الهجرة من المكان الأصل باتجاه المكان المستقبل بحيث تكون هذه الهجرة إما داخلية أو خارجية، أو أن يؤدي إلى الزيادة في عدد السكان من خلال استقبال مهاجرين جدد.

وسنحاول أن نقف عند عامل الهجرة المتحكم في انخفاض عدد السكان على مستوى "ايت سعيد"، وسنستبعد عاملي الولادات والوفيات؛ لغياب معطيات رسمية لعدد المواليد والوفيات على مستوى الجماعات الأربع، ولغياب كذلك دراسات علمية تحلل أسباب الوفاة في هذه المنطقة بناء على معطيات هرمية (الرضع، الأطفال، الشباب، الشيوخ)، ومعرفة أمد الحياة في هذه البلدة؛ بالوقوف عند الخدمات الصحية فيها.

هناك الكثير من الأسباب التي تؤدي بسكان "ايت سعيد" بالتفكير في الهجرة نحو الداخل أو الخارج، بحثا عن ظروف عيش أفضل من التي هي متاحة لهم في بلدتهم، تمكنهم من ضمان العيش وتدبير القوت اليومي. ولعل غياب أساسيات الحياة من طرق معبدة وماء صالح للشرب مما يضمن الأمن الغذائي زيادة إلى غياب البنية الصحية التي تمكنهم الحفاظ على صحتهم، سبب رئيسي لمغادرة موطن الأجداد.

وعند العودة إلى قبيلة ايت سعيد نجد أنها بلدة لم تعد تغري سكانها بالاستقرار فيها، كما أنها لا تستقبل سكان جدد، رغم أنها منطقة تتوفر على مؤهلات طبيعية يمكن استغلالها على المستوى السياحي. كما أنه يجب أن نسائل دور الدولة في فك العزلة عن هذه المنطقة التي تضررت بفعل الهجرة، خاصة تقييم مدى تحقيق مشروع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لأهدافه على مستوى جماعات "ايت سعيد" الأربع. هل أدت هذه المبادرة إلى تحسين ظروف عيش فقراء هذه المنطقة، خاصة ونحن نعرف أن من بين ما تستهدفه هذه المبادرة هو انقاذ الأشخاص الذين يوجدون في وضعية الهشاشة؟ وبالتالي هل نجحت الجمعيات التي استفادت من تمويل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في تحقيق الأهداف التي سطرتها، ونحن نعرف أن جماعات "ايت سعيد" انخفض معدل نمو سكانها بشكل كبير، خاصة على مستوى جماعة "ايت مايت" حيث فقدت 1.575 نسمة؟

أيضا لا بد من الإشارة إلى أن تنفيذ مشروع فك العزلة عن بلدة "ايت سعيد" عن طريق تشييد بعض الطرق القروية جاء متؤخرا، ونحن نعلم أن الملك محمد السادس قام بتدشينها سنة 2007 حين قدم في زيارة إلى إقليم الناضور، ولم يتم الشروع في تشييد تلك الطرقات إلا خلال هذه السنة. ألم يؤد هذا التأخير إلى انخفاض معدل النمو على مستوى بلدة ايت سعيد؟

ويجب كذلك أن تنجز دراسات سوسيو-اقتصادية حول تأثير انجاز الطريق الساحلي، لقياس مدى استفادة الجماعات الأربع المكونة ل"ايت سعيد" منه. فإلى حد الآن لم يتم ربط هذه الجماعات بهذا الطريق الاستراتيجي بطرق جيدة التشييد، اللّهم إلا بعض المسالك الطرقية التي تدخل في إطار برنامج فك العزلة. إذن لا بد من التفكير في ربط هذه الجماعات بهذا الطريق الذي يعد وسيلة مهمة للتنفيس الاقتصادي لهذه الجماعات، والتي ستعود بالنفع على المنطقة، مما سيجعل سكان البلدة يفكرون في الاستقرار في بلدتهم.

لا يمكن أن نغفل زيادة على ما ذكرناه أن من بين الأنشطة التي يعتمد عليها سكان ايت سعيد كوسيلة للعيش هي الفلاحة المعيشية، ونظرا لكون المنطقة تعرف تأخرا في نزول الأمطار وأحيانا توالي سنوات الجفاف عليها، لا بد إذن من التفكير في إيجاد طرق لتزويد هذه المنطقة بالموارد المائية التي تمكنها من سداد حاجتها اليومية من الشرب والري. ولا بد من إعادة النظر في بعض المشاريع الفلاحية القليلة التي أنجزت على مستوى البلدة، حيث عرف تنفيذها اختلالات كبيرة، ونذكر بالأخص ترميم بعض قنوات الري التي تعرضت إلى العطل أياما قليلة بعد الانتهاء من إصلاحها. ويضاف أيضا الاختلالات التي شهدها تشييد حوض مائي على مستوى جماعة دار الكبداني الذي لم تستفد منه الساكنة بسسب هشاشته. كذلك هو الأمر لبعض الجِباب المائية التي تم تشيدها على مستوى تراب جماعة دار الكبداني حيث عرفت نفس المصير.

ولا بد من الإشارة إلى أنه لا يعقل أن إقليم الدريوش الفتي يضم 23 جماعة بحيث لا يتوفر إلا على ثلاث جماعات حضرية والباقي كلها جماعات قروية، أليس من الضروري ترقية جماعات قروية أخرى إلى جماعات حضرية لتتمكن من الحصول على برامج التأهيل الحضري الذي يُمكّن تلك الجماعات من أن تتوفر على البنيات التحتية الأساسية والتي ستساهم في استقرار معدل النمو السكاني.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح