المزيد من الأخبار






حينما نتراجع عن المطالبة بحقنا ونكتفي بالصراخ


حينما نتراجع عن المطالبة بحقنا ونكتفي بالصراخ
بقلم: سكينة أطراري

سأبدأ الحديث بتجربة شخصية عشتها قبل مدة ليست بالطويلة، اتجهت كعادتي صوب دكان لا يفصله عن بيتنا سوى بضعة أشبار شحيحة، طلبت مشترياتي وهممت بدفع ثمنها، وكان من بين نقودي قطع رمادية وأخرى صفراء، لأتفاجأ بصاحب المحل يرفض الصفراء قائلا "هادو مكيدوزوش هنا.. يمكن مزالين غير فالداخل".

استغربت، واستفزتني ما تلفظ به، لكني أكملت ثمن المشتريات بالقطع النقدية الرمادية، كما فضل البائع، لكني وعدته أني سأسأل السلطات عن هذا الموضوع، مرت أيام لأجدني قرب "الكوميسارية"، تذكرت للتو أنه علي التحري في موضوع القطع النقدية الصفراء.

عموما اقتربت من رجل أمن والمارة كادت تأكلني بأعينها، للتعرف على سبب حديثي مع الشرطي، سألته عن الموضوع، فأجابني بابتسامة على وجهه: "واش نتي ماشي من هنا"، لأنفي ما قال مؤكدة أني ابنة الناظور، فنصحني بالتوجه للبنك الشعبي لإستبدالها بالقطع الرمادية، لكني ألححت عليه لمعرفة رأي القانون، فوجهني إلى المصلحة الخاصة للتقدم بالشكاية، شكرته.

عدت إلى منزلنا، أخبرت أمي بما حصل فاستغربت ونعتتني بالحمقاء، فيما والدي قال لي هل تضيعين وقتك في مثل هذه الأمور، حينها تراجعت عن تقديم أي شكاية، لتبدأ سيناريوهات مواقف عديدة صرخت فيها لكني تراجعت عن المطالبة بحقي، ورأيت مواطنين مثلي، فسألت: "لما نكتفي بالصراخ.. ونتراجع عن المطالبة بحقوقنا؟".

حينما أتحدث عن الحقوق من دون أن أنسى الواجب طبعا، أذكر حق المواطن في تقديم شكايته بكل حرية دون أخذ مشورة، كما بالدول الأوروبية تماما، فلا شيء يعلو فوق القانون، فالقانون وجد لتنظيم المجتمعات لا لدراسته بالمقررات الدراسية والجامعية... فتراجع كل فرد منا عن تقديم الشكوى لدى المصالح الخاصة، جعل من مجتمعنا مجتمعا مليئا بكل الآفات والمشاكل، لن أذكرها كاملة، الكل يعيشها والأنكى يتعايش معها، لكن سأذكر على رأسها:

واقع الصحة الذي يندى له الجبين، حيث يدخل إنسانا سليما معافى فيخرج جثة هامدة، نتيجة الإهمال الطبي واللامبالاة، كما سمعنا عن "تمعّش" المصحات الخاصة من الموتى، نعم، يتركونهم بغرف الإنعاش قرب أعين عائلاتهم والفاتورة تصعد، إلى أن تصرخ العائلة عن ثمن الفاتورة فيفاجئونهم بكلمة "الله يرحمو"، علاوة على مشكل النقل المهترئ، ومع ذلك الكل يصرخ، وأنا واحدة منهم، ولم نطالب يوما بحقنا، ونافلة القول أني لم أخض في حوارات تعتبر المسؤولة عن كل هذه المشاكل، لذلك سأكتفي بالقول الكل يصرخ ولا أحد يطالب بالحق.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح