ناظورسيتي :
نشر عادل بنحمزة البرلماني السابق، والقيادي بحزب الاستقلال، تدوينة على جداره الفيسبوكي حول زيارته لمدينة الحسيمة، وعنونها بـ "انطباعات عائد من الحسيمة"، وجاءت كما يلي :
زرت الحسيمة أمس للاحتفاء بالصديق محمد أحداد بمناسبة حفل زفافه، قطعت الطريق من طنجة إلى الحسيمة، على مسافة حوالي 290 كلم طريق جيدة بمعاييرنا لكنها تشبه الأفعى فهي لم تكف عن التلوي طيلة الرحلة، من علو شاهق كان يظهر البحر المتوسط و ديعا وهادئا..
مناظر خلابة و آسرة، عندما أتذكر ما يوجد في الضفة الأخرى جنوب إسبانيا و كيف إستطاعت إسبانيا أن تصنع منه منتوجا سياحيا جعلها تزيح الولايات المتحدة الأمريكية من وصافة عرش السياحة العالمي بـ 82 مليون سائح في السنة، أشعر بكثير من الحزن عن الإمكانيات التنموية الهائلة التي أضعناها على مدى سنوات الاستقلال الطويلة، وعند مغادرتي للحسيمة عبرت الطريق في إتجاه تازة عبر إمزورن وبني بوعياش ثم كاسيطا، الطريق السريع إنتهى مباشرة بعد بني بوعياش إذ تحول إلى ورش طويل مع مقاطع منتهية دون تشوير ودون مساعدين في الأوراش المفتوحة حيث كثير من المقاطع تكتشف صدفة أنها مفتوحة للسير في الإتجاهين علما أن الطريق تتضمن منعرجات خطيرة..
هذه الطريق تأخر إنجازها بشكل فاضح و غير مسؤول، والخلاصة أن الحسيمة محاصرة من كل الجهات...، ما تم تحقيقه بالحسيمة و عدد من جماعاتها على مستوى البنية التحتية شيء جميل و هو بكل تأكيد مكلف ماديا و أفضل بشكل لا يمكن أن يقارن مع الكثير من المدن و الأقاليم في المملكة، لكن السؤال الذي يجب إمتلاك جرأة الجواب عليه هو؛ ما هو أثر كل ذلك على الإنسان في الريف؟ هل يعوض ذلك هشاشة النسيج الاقتصادي؟ هل يمثل جوابا على إنعدام الشغل و إستفحال البطالة؟ هل يملئ جيوبا الأسر والعائلات التي ضاق بها العيش كمثيلاتها في كثير من مناطق البلاد؟ إن صرف كل تلك الملايير و الرهان على اعتبارها جوابا عن الطلب الاجتماعي و التنموي، يبقى رهانا لا يسعفه الواقع الذي يبقى عنيدا تحت ضغط الحاجة الفعلية، قد يقول قائل مادامت المنطقة توفر لها ما لم يتوفر لمناطق أخرى، فلماذا كل تلك الاحتجاجات و لغة الرفض لكل ما يصدر عن الدولة؟.
الجواب بسيط جدا..هنا يبرز ثقل التاريخ و تقاليد المواجهة مع السلطة المركزية ليست وليدة اليوم، وذلك يصنع سيكولوجيا جماعيا تنقاد تلقائيا نحو الاحتجاج والرفض، هذا لا يعني أنه ليست هناك أصوات أخرى تقدم قراءة أكثر موضوعية للواقع وتبحث عن صيغ توفيقية تنهي مع الأحكام الجاهزة سواء من قبل الدولة إتجاه الريف أو من قبل الريف إتجاه الدولة، هذه الفئة على أهميتها في هذه المرحلة تجد نفسها محبطة وغير قادرة على ممارسة قناعاتها بما يسمح بكتابة فصول جديدة من تاريخ الوطن، خاصة أمام إستمرار مسلسل المحاكمات والأحكام القاسية التي لا يمكنها أن تلعب وظيفة الردع طويلا، لكنها في المقابل لا تقوم سوى بشحد تلك السيكولوجيا الجماعية بما يعزز ثقافة الاحتجاج و التمرد.
الاستثمار في البنية التحتية مسألة جوهرية و أساسية، لكنها مع ذلك يجب أن تتم بإقتصاد وتقشف وواقعية و بمعايير دولة ذات إقتصاد و موارد ضعيفين، لأن الاستثمار الأكبر يجب أن يكون في الانسان، سواء تعلق الأمر بالريف أو غيره من مناطق المغرب، هذه القناعة ليست في الحقيقة وليدة زيارتي للحسيمة، لكنها فقد تأكدت لي بعد نهاية الرحلة.
نشر عادل بنحمزة البرلماني السابق، والقيادي بحزب الاستقلال، تدوينة على جداره الفيسبوكي حول زيارته لمدينة الحسيمة، وعنونها بـ "انطباعات عائد من الحسيمة"، وجاءت كما يلي :
زرت الحسيمة أمس للاحتفاء بالصديق محمد أحداد بمناسبة حفل زفافه، قطعت الطريق من طنجة إلى الحسيمة، على مسافة حوالي 290 كلم طريق جيدة بمعاييرنا لكنها تشبه الأفعى فهي لم تكف عن التلوي طيلة الرحلة، من علو شاهق كان يظهر البحر المتوسط و ديعا وهادئا..
مناظر خلابة و آسرة، عندما أتذكر ما يوجد في الضفة الأخرى جنوب إسبانيا و كيف إستطاعت إسبانيا أن تصنع منه منتوجا سياحيا جعلها تزيح الولايات المتحدة الأمريكية من وصافة عرش السياحة العالمي بـ 82 مليون سائح في السنة، أشعر بكثير من الحزن عن الإمكانيات التنموية الهائلة التي أضعناها على مدى سنوات الاستقلال الطويلة، وعند مغادرتي للحسيمة عبرت الطريق في إتجاه تازة عبر إمزورن وبني بوعياش ثم كاسيطا، الطريق السريع إنتهى مباشرة بعد بني بوعياش إذ تحول إلى ورش طويل مع مقاطع منتهية دون تشوير ودون مساعدين في الأوراش المفتوحة حيث كثير من المقاطع تكتشف صدفة أنها مفتوحة للسير في الإتجاهين علما أن الطريق تتضمن منعرجات خطيرة..
هذه الطريق تأخر إنجازها بشكل فاضح و غير مسؤول، والخلاصة أن الحسيمة محاصرة من كل الجهات...، ما تم تحقيقه بالحسيمة و عدد من جماعاتها على مستوى البنية التحتية شيء جميل و هو بكل تأكيد مكلف ماديا و أفضل بشكل لا يمكن أن يقارن مع الكثير من المدن و الأقاليم في المملكة، لكن السؤال الذي يجب إمتلاك جرأة الجواب عليه هو؛ ما هو أثر كل ذلك على الإنسان في الريف؟ هل يعوض ذلك هشاشة النسيج الاقتصادي؟ هل يمثل جوابا على إنعدام الشغل و إستفحال البطالة؟ هل يملئ جيوبا الأسر والعائلات التي ضاق بها العيش كمثيلاتها في كثير من مناطق البلاد؟ إن صرف كل تلك الملايير و الرهان على اعتبارها جوابا عن الطلب الاجتماعي و التنموي، يبقى رهانا لا يسعفه الواقع الذي يبقى عنيدا تحت ضغط الحاجة الفعلية، قد يقول قائل مادامت المنطقة توفر لها ما لم يتوفر لمناطق أخرى، فلماذا كل تلك الاحتجاجات و لغة الرفض لكل ما يصدر عن الدولة؟.
الجواب بسيط جدا..هنا يبرز ثقل التاريخ و تقاليد المواجهة مع السلطة المركزية ليست وليدة اليوم، وذلك يصنع سيكولوجيا جماعيا تنقاد تلقائيا نحو الاحتجاج والرفض، هذا لا يعني أنه ليست هناك أصوات أخرى تقدم قراءة أكثر موضوعية للواقع وتبحث عن صيغ توفيقية تنهي مع الأحكام الجاهزة سواء من قبل الدولة إتجاه الريف أو من قبل الريف إتجاه الدولة، هذه الفئة على أهميتها في هذه المرحلة تجد نفسها محبطة وغير قادرة على ممارسة قناعاتها بما يسمح بكتابة فصول جديدة من تاريخ الوطن، خاصة أمام إستمرار مسلسل المحاكمات والأحكام القاسية التي لا يمكنها أن تلعب وظيفة الردع طويلا، لكنها في المقابل لا تقوم سوى بشحد تلك السيكولوجيا الجماعية بما يعزز ثقافة الاحتجاج و التمرد.
الاستثمار في البنية التحتية مسألة جوهرية و أساسية، لكنها مع ذلك يجب أن تتم بإقتصاد وتقشف وواقعية و بمعايير دولة ذات إقتصاد و موارد ضعيفين، لأن الاستثمار الأكبر يجب أن يكون في الانسان، سواء تعلق الأمر بالريف أو غيره من مناطق المغرب، هذه القناعة ليست في الحقيقة وليدة زيارتي للحسيمة، لكنها فقد تأكدت لي بعد نهاية الرحلة.