المزيد من الأخبار






إلى متى ستؤدي الناظور ثمن فشل التنمية البشرية بالمغرب ؟


إلى متى ستؤدي الناظور ثمن فشل التنمية البشرية بالمغرب ؟
محمد المنتصر - فاعل محلي وباحث في اقتصاديات التنمية

في الوقت الذي تتواصل فيه مجهودات الفاعلين المحليين من أجل إيجاد حلول للتحديات التنموية المطروحة جهويا والعمل على مواجهة المعاضل الاجتماعية كمحاربة الهشاشة وضمان ولوج موسع للخدمات الأساسية مع السعي إلى النجاح في رهان الاقلاع الاقتصادي، يشهد الاقليم تفاقما مقلقا في توافد شباب وقاصرين قادمين من مختلف جهات المملكة، يفترشون الأزقة ويعيشون على مساعدات الساكنة ريثما يجدون مخرجا إلى إسبانيا، مما أفرز ظاهرة جعلت من الشوارع الرئيسية للمدينة ومحيط ميناء ابني أنصار الاستراتيجي مليئة بأفواج بشرية تتربص ليل مساء بحافلات نقل المسافرين وشاحنات نقل البضائع وتتحرش بالسيارات والعربات السياحية مسببة بذلك اختلالا ملحوظا في السير العادي للمرافق الحيوية بالمدينة وتزايدا لشكايات المهنيين والعابرين إلى أوروبا

أمام هذا الوضع، لطالما كانت ساكنة الناظور معروفة بسخائها وعطفها على الزائرين خصوصا الذين انقطعت بهم الحبال وقادتهم الظروف الصعبة إلى بوابة أوروبا، غير أن ظاهرة "الحراكة" اتخذت منحى تصاعديا انعكست سلبا على معالم المدينة من خلال انتشار واسع للمتسولين والمدمنين تصل في بعض الحالات لتهديد السلامة والأمن المحلي، مما قسم موقف الساكنة بين رافضين لاستمرار الوضع الحالي على ما هو عليه وآخرين يتجاهلونها بمبرر الإنسانية وحس التضامن مع هاته الطبقة الهشة من المجتمع

فبين هذا وذاك، أصبح من اللازم اليوم أن تتحمل الجهات الوصية على القطاعات الحيوية بالمغرب مسؤوليتها أمام ساكنة إقليم الناظور، خصوصا وأن تنامي الظاهرة يرافقه استمرار فشل الحكومة في تحقيق أهداف التنمية البشرية وطنيا، وتحديدا في الجانب المتعلق بالمجالات المفسرة للدوافع التي تقف وراء قدوم هؤلاء الشباب والقاصرين إلى الاقليم بحثا عن الأمل المفقود، على رأسها الفقر والهشاشة، ضعف التعليم العمومي والهدر المدرسي، وأخيرا وليس آخرا البطالة وغياب فرص الشغل

إن الأرقام التي تبرر خيار "الحريك" بدل بناء المستقبل في المغرب لا تخفى على أحد، فيكفي أن 220 ألف تلميذ مغربي ترك المدرسة السنة الماضية ، ويكفي حديث المندوبية السامية للتخطيط عن مليون و685 ألف شاب مغربي لا يعملون ولا يدرسون ولا يتابعون أي تكوين، ويكفي أن البطالة في أوساط الشباب قد تجاوزت 25 في المائة، ويكفي أن 79 في المائة من ساكنة العالم القروي فقراء، ويكفي تقريرالبنك الدولي حول التفاوتات الاجتماعية المتنامية والمستوى المعيشي المتدهور للأسر بالمغرب

فواقع التنمية البشرية المأزوم ليس وليد اليوم، بل هو نتاج تراكم الاخفاقات وسوء تدبير موارد البرامج التي استهدفت الطبقات الهشة من المجتمع وأكثرهم معاناة، الشيء الذي رصدته مراكز البحث والمؤسسات الدولية في أكثر من إصدار، مصنفة المغرب في آخر تقرير حول التنمية البشرية كالدولة الأكثر تخلفا بين دول البحر الأبيض المتوسط رغم اتخاذها من التنمية البشرية شعارا عبئت له أغلفة مالية مهمة، مشددة على خطورة اتساع هوة الفوارق بين الطبقات الاجتماعية مما يمكن أن ينتج عنه من تهديد للتماسك الاجتماعي وفقدان الثقة في الدولة ومؤسساتها

فمن هذا المنطلق، لاشك في أن تبعات فشل السياسات العمومية في مجال التنمية البشرية تفسر التدفق البشري لفاقدي الأمل من أبناء هذا الوطن نحو الناظور، مفرزة وضعا مترديا أصبح فيه العيش العادي في المدينة أمرا مستعصيا على ساكنته ناهيك عن إقناع مستثمرين وسياح أجانب بالقدوم إليها من أجل المساهمة في تطويرها والتعريف بها دوليا. ونظرا لحساسية الموضوع، سنكون مجحفين في حق إقليمنا إن أغمضنا أعيننا عن تفاقم هاته الظاهرة المؤسفة التي تضرب في صلب المكتسبات التي تم تحقيقها محليا، مما يضعف من موقع الاقليم كوجهة سياحية صاعدة ومجالا ترابيا خصبا للاستثمارات الأجنبية ونقطة عبور رائدة للنقل الدولي. ويبقى السؤال المطروح في هذا الصدد : ما موقف نواب الاقليم تحت قبة البرلمان من ما تعانيه الساكنة في هذا الموضوع ؟ وما سبب تقاعسهم في مساءلة المسؤولين الحكوميين عن فشلهم في قطاعاتهم؟ ولما لا يطالبون الحكومة بإيجاد حل عاجل يضمن حقوق هؤلاء الشباب وينصف في نفس الوقت ساكنة الاقليم؟




تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح