المزيد من الأخبار






أردت فقط رمي حجر في الراكد من مياه الهوة... عن الريف والدراما والأصدقاء واشياء اخرى


أردت فقط رمي حجر في الراكد من مياه الهوة... عن الريف والدراما والأصدقاء واشياء اخرى
محمد بوتخريط . هولندا

استكمالا لحكايات وأخرى كثيرة نشاهد بعضها خلف الكواليس ونسمع بعضها الاخر من أفواه اصحابها ومن أفواه غير اصحاب العلاقة ، يجد المتتبع لواقع الفن بالريف نفسه يواجه الكثير من التساؤلات .. تساؤلات صدمة واندهاش . تتراءى خلفها علاقة في صيغة تضادية بين بعض فنانينا ، بدأت مبكرا وهي للاسف لا تشبه حتى حمى التنافس التي تكون عادة بين الفنانين.

اصبحنا نسمع (وإن كان من بعيد) عن حدوث ملاسنات ومشاحنات بين بعض هؤلاء هنا وهناك .. تتراءى معها بعض آلامنا هناك خلف مستقبل فننا البعيد المترامي بين ذات التساءلات ، وتحمل معها أثراً سلبيا على المسار كله.. بل أن بعضها تصل احيانا إلى حد المشادات الكلامية وملاسنات واتهامات تقلل من شأن بعضهما البعض .

ولا أريد هنا ولا في نيتي أصلا أن اضرب أمثلة ، حتى لا اتهم بالمجاملة أو بالتجني, وان سهل علي التعرف على عشرات الأمثلة.

و للواحد منكم أن يصيغ ألف تساؤل و تساؤل يلي كل هذا...وذاك! ...

نعم.. شاهدنا في الفترة الأخيرة أعمالا وأسماء فنية امازيغية ريفية تَنْظم إلى مشاريع إنتاج تلفزيونيّة.
حركة توحي بالاطمئنان ، لكن لا نريد ان تُسقط أسماء و أخرى في خضم السجالات الشخصية و معارك المصالح. وكرة الثلج التي تبدأ صغيرة...تكبر مع الوقت.
يبدو أن دخول بعض الشباب "الجدد" و بعض شركات انتاج جديدة ومخرجين جدد إلى حلبة الدراما التليفزيونية في الريف ومنافستهم بعضهم بعضا كما منافستهم للبعض لآخر على إخراج الأعمال الجديدة الى النور امر لم تجر رياح التفاعلات فيه وفقاً لما اشتهته بعض السفن ، فجاءت المواقف ذات دلالات على انعدام أيّ درجة من التضامن..والعمل الجماعي.

ما كنت لأرغب في الكتابة عن هذا الموضوع موضوعا... لكن الحرص على أن نبحث وجميعنا ، لنجد ما يجمعنا ونشجعه ونقدره.. ونبعد ما يفرقنا و ننبذه .. هو فقط ما دفعني إلى تسجيل هذه السطور.
الغريب أن الذين يتراشقون بهذه الاتهامات هم من أبناء جيل واحد ، ووجه الغرابة أن ما أصدروه لحد الان من أعمال لا يجاوز - من حيث الكم - عدد أصابع اليد الواحدة ... رغم أني اعتبر القيمة الفنية والموضوعية هي المقياس الوحيد للعمل الإبداعي, بصرف النظر عن غزارته أم قلته ..إلا أني ارى ان تركيز هؤلاء يجب ان يكون على القيمة الفنية للاعمال التي انجزوها او سينجزوها و التي يجب ان تكون المؤكدة ..وان تتجه محاسبة أي مبدع لقيمة ما يقدمه وليس لشخصه..

لا نختلف حول كون "الدراما الريفية" إن صح هذا التعبير او الدراما في الريف التي بدأت على استحياء ، استطاعت الى حد ما أن تحقق لها حيزا على خارطة اهتمامات المتلقي، بل ان بعضها حقق بعض النجاحات خارج الساحة الريفية. لكن هذا لا يمنع القول اننا لا زلنا لا نملك الا انتاجات درامية قليلة جدا و ممثلين مبتدئين...جدا، فلا مجال للغرور إذن...فكل انتاجاتنا هي في حقيقتها ليست سوى اشارات تلقي فقط الضوء على أهمية الحلم لابتكار صناعة أفلام ودراما تلفزيونية في الريف. فلنضع في اعيننا ان هذه الصناعة لا تزال في مهدها دون حتى تجارب سابقة وناجحة إلى الحد الذي يجعلنا نزهوا ونفرح بها كثيرا... نحاسب بعضنا البعض وكأننا ملائكة..نتَّهم الآخر بالـتآمر علينا، ونحن المتآمرون على أنفسنا، على بعضنا البعض، نحن قبل غيرنا وأكثر من غيرنا، المسؤولون عن خيبتنا...فتعالوا نحاسب أنفسنا… قبل غيرنا . وإلا بقي الامر على حاله ، منقسم في المدينة إلى عالمين .. وسؤال سيظل يرهق عقل المتلقي.. ونحن لم نصل بعد حتى للشروط الواجبة..لكي نتحدث عن دراما تلفزيونية.. وسينما !!
فكيف سنتحول إلى عالم واحد جامع يُراد منه خلق مجتمع من الزملاء في ظل منافسة شريفة محتدمة..؟

الأمر محبط فعلا ، فنحن لم نخرج بعد من عنق الزجاجة..
وهذا لا يعني اني اقلل من مجهودات بعض زملائنا أو أنه لم تُبذل محاولات في الماضي، بل العكس...إن المحاولات الآن تبدو على أنشط ما تكون عليه. صناعتنا "للدراما" بدأت تمتلك شبابا موهوبين أخذوا على عاتقهم قبول التحدي لإنتاج تجاربهم الخاصة وتمهيد الطريق أمام الأجيال السينمائية القادمة.

لكن الحوار مازال في الحلبة والفنان منكم مطالب بوقفة جادة أمام نفسه.. ومن غير المجدي الآن الدخول في "صراعات وحسابات" شخصية او حتى ملاسنات عابرة كثر الحديث عنها في ريفنا الجريح بنا ، خاصة في الاونة الأخيرة ، تحملها تارة مواقع التواصل الإجتماعي وتارة اخرى بعض المواقع الالكترونية وتحملها في حالات أخرى كثيرة أحاديث الشارع وجلسات المقاهي .. وتتأرجح آراء الآخرين بين نقد رافض و بين قبول متحفظ أحياناً و مجامل أحياناً أخرى كثيرة...

لكن هل مِنَّا و من كل هؤلاء من يعلم فعلا و يقيناً حجم مآلها و نتائجها !!؟
اصبحنا نسمع الكثير و نعايش الكثير.. ونحن لا زلنا لم نقدم الشيء الكثير!.

تعلوا أصوات وتتعالى أخرى منتقدة بعضها البعض و كأن نقدها قوالب جاهزة فقط للنقد من أجل النقد! بل و التجريح في أحيان و مواقف عديدة، لدرجة تحتشد في رأس الواحد منا بأن طرفٌ ما من هؤلاء سيء و كله أخطاء و كله لا تستحق اعماله عناء المشاهدة بل الامر تضييع للوقت بل ان الامر يصل احيانا إلى الحد الذي يتناصح فيه البعض من هؤلاء إلى " وقف أعمال البعض الاخر او تغيير المحطة (8)" التي تبثها .. بل أكثر من ذلك.. حذفها نهائياً.!!
فما الذي حدث اليوم لننقلب على بعضنا البعض و تنقلب الاراء بهذه الصورة السوداوية ؟

أصارحكم ان لدي مقالات كثيرة كنت قد أنهيتها لكن !! ترددت في نشرها, مقالات من التي يسميها البعض نقداً, واسميها قراءة إيجابية..
لذلك من الخطأ الاعتقاد ان الشارع الريفي لا يحس بما يقع .. فستار الكواليس مكشوف... ورائحة التراشقات والاتهامات بدات تزكم انوفنا..

وحتى لا ادخل في جدل مع أي من هؤلاء سواء كانوا ممثلين او منتجين اومخرجين أو غيرهم ، وأنا مجرد عابر متذوق لسحر الفن ، أقول ان في بعض ما سمعته وشاهدته ، ولا اقول تهورا أو اقتحاما ، بل رائحة غريبة ، تزكم أنوفنا وتذكرنا بسوداوية مستقبل الفن في المدينة واقتراب انقراضه المحتوم ...

تضيع كل محاولة تحليل وفهم ما يقع لفن بطيء التطور وجيل غريب النزاعات، ولعل أحد اسباب ذلك هو عدم توفر التوجيه والمشورة الفنية والتقنية المحترفة في صناعة ما نريد صناعته من فن جميل ودراما تحترمنا ونحترمها...ونحترم صانعيها...أو أن هذه التطورات والتجارب لم تواكبها القراءات النقدية الضرورية التي من شأنها أن تحفز أصحابها على تحسين و تطوير مستوى التعامل وانعكاس تأثيره على الأداء والكفاءة بل وحتى الإنتاج.
لكننا فقط..مشغولون بفوضى الكلام ..

هو جرحنا، جرح المتلقي الريفي الذي استوطنه التهميش وأثخنته الاقصاءات و لعنته كل المناخات الساخرة بفن نقي جميل، تدحرجه الصراعات الوقحة خلف بوابات الانتظار الطويل ،
فالتصرخوا كما تشاءون .. كما ترغبون...

لا بأس من صراخكم في وجه بعضكم البعض كلما صادفتم فرصة "للثرثرة الصحفية" والتصريحات سواء منها التليفزيونية او عبر المواقع الالكترونية بكَيْلٍ من الاتهامات .. كأن ممثلين ما ! في غير المستوى او ان مخرجين او كتاب معيَّنين وراء الإسفاف الذي يتواصل فيما ينتجونه من الاعمال !..او حول -مثلا- انفراد شركة انتاج واحدة فقط باحتكار السوق باعمال يراها الصارخون دون المستوي!أو...أو...

فالتصرخوا كما تشاءون .. كما ترغبون ولكن دعوا الفن في الريف ينموا.. دعوا الاعمال تدور!، حتى تساهم عجلتها ولا تتوقف عن العطاء وفي اكتشاف وجوه ومواهب جديدة...الريف كله في حاجة اليها.
دعوا الحسابات الضيقة جانبا و قفوا صفا واحدا.. لتغيير مسار الغضب و الانتقادات نحو جهات أخرى .. نحو سياسة القائمين على دعم السينما في البلاد ، نحو من لا ينظرون إلى هذا الموضوع بجدية، نحو من يدعمون عددا معينا من المخرجين واعمال عربية ، ويهملون الاعمال الامازيغية خاصة الريفية منها ،

لنطالب معا بسينما في المدينة.. بمعاهد.. ولما لا بجامعات بالإقليم ، تُدرّس فيها السينما أكاديميا ليتخرج إلى الساحة الفنية مستقبلا مخرجين وممثلين و فنيين من ابناء الريف ، والدفع إلى ضرورة الدعم الحكومي وتخصيص ميزانية من قبل الحكومة للاعمال الامازيغية الريفية وللسينما ، كون الاخيرة ليست فقط فنا جماهيريا نحتاجه .. بل هي مرآة الشعوب وخاصة بالنسبة للانسان الريفي ، فهو بحاجة إلى إيصال رسالته إلى العالم، وليس من وسيلة أفضل من السينما.. والمشاركة بالتالي في مهرجانات خارج الوطن ايمانا ان العبرة ليست فقط في المشاركة ، بل بمحاولة انتشار الاعمال السينمائية الريفية عن طريق هذه المهرجانات... وان لا تٌقدم باسم السينما المغربية العربية...كما حصل ويحصل مع فيلم " وداعا كارمن " لمخرجه محمد أمين بنعمراوي والذي حصل على جوائز في مهرجانات عدة و كان يُقدم احيانا كفيلم عربي بدل فيلم أمازيغي/ ريفي .

والأمل الآن معقود عليكم جميعكم ما دمتم انتم من بدأتم هذه المحاولات التلفزية و السينمائية التي كان يبدو في أول الامر، أنها فقط ستوفر صناعة سينمائية ريفية.. ولكننا نريدها اليوم أن تتم بناء على دراسة مسبقة ، و خطوات محسوبة.. مقدامة.

لا نريد ان نشاهد أعمالا عربية بمشاركة ريفية ..!!! .

ولا يرضينا طبعا أن تجلبوا المخرج والكاتب والفني والممثل من خارج الريف ، وتصورون الاحداث على أرض الريف ثم تقولون لنا تعالوا ..شاهدوا ... هذا عمل أمازيغي ريفي !!!؟
انا لست عنصريا ، لكني فقط....لا اريد ان نكون مسخاً في المستقبل فلا نحن بهويتنا ... ولا نحن نجحنا بدعوى سعينا للانتشار و للنجاح والتطور.
و للواحد منكم أن يصيغ هنا...ألف تساؤل و تساؤل يلي ذلك..

هي رياح تهب تصطدم احلامنا.. تطمس ضوء لاح خافقا في الافق ، وخفافيش تحوم حولنا، تتفنَّن في محو ضياءِ الفرحةِ، تسعى لطمس سراجٍ أضائته ايادي ريفية مبدعة في سماءنا .
أنا هنا لست مدافعاً و لا مُلمِعاً لأحد أو لعمل بعينه، فقط أردت رمي حجر في الراكد من مياه الهوة التي بين بعض فنانينا من جهة وبينهم جميعا وبيننا نحن..المتلقي.
هي فقط صرخة تنبيه وصيحة تحَدِ تملأ الزمان والمكان هنا و هناك ..
وإن لم تكن هناك آذان.!فلا بأس...
"نحن لا نملك من نخوتنا...
غير صرخات تدوي ... ونداء".


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح