المزيد من الأخبار






وجوه من المهجر.. رشيدة لمرابط المستشارة القانونية والمحامية البلجيكية من أصول ريفية


وجوه من المهجر.. رشيدة لمرابط المستشارة القانونية والمحامية البلجيكية من أصول ريفية
بقلم: محمد ابركيوي

من أنا؟ إنّه السؤال القديم/ الجديد الذّي يستفزّنا كلّما داهمنا خطرخارجيّ يهدّد كياننا وهويّتنا.

إنّ أوّل دائرة نحتمي بها هي دائرة العشيرة / القبيلة الّتي ننتمي إليها أو ننحدر منها. وبعدها نبحث عن أجوبة أخرى حقوقية وسياسية وغيرها. لايعنينا هنا مسألة التقوقع على الذات والخوف من الآخر، بقدرما يعنينا بالدرجة الأولى هو كيف نتصدّى لهذا الآخر عندما يريد نفينا؛ النفي الهويّاتي والثقافي. إنّ التقوقع هو سلاح الضعفاء. لذا فمعرفة الذّات والإعتزازبها هو نقطة البداية والترسّب الثقافي الأوّل، تنظاف إليها الدوائرالأخرى الّتي يتحرّك فيها المرء معرفة وتعارفا. فمن دائرة العشيرة والبادية إلى القرية فالمدينة فالمدن فالحداثات المختلفة...

Connais toi toi-même disait Socrate en répondant sur la question qui suis-je ?

"أنا رشيدة لمرابط؛ من سيدي بوجداين بميضار، منطقة الريف بشمال المغرب. لما بلغت الثالثة من عمري في 1973 إنتقلت مع والديّ إلى مدينة أنتوربان ببلجيكا. هناك كبرت وتخصّصت في الدراسات القانونية، والآن أشتغل كمستشارة قانونية/محامية في مركز تكافؤ الفرص ببلجيكا."

إنّها بطاقة تعريفية بسيطة للأستاذة رشيدة، لكنّها تحمل في طيّاتها أكثر من معنى وإفادة و تعبّر عن واقع يشوبه الخلل، وتنمّ منه رائحة التحدّي للذّات والكينونة الإنسانية. التحدّي الّذي يقسّم البشر حسب لون البشرة والعرق والدّين بين الأتشتون أو الاصليّين وبين الألشتون أوالغير. لم تسعف الدائرة الحقوقية الّتي تخرّجت منها رشيدة في مواجهة هذا التحدّي، بل لم تسعفها دائرة الحداثة الّتي تشرّبت منها منذ نعومة أظفارها لترسيخ فكرة المواطنة فوق الجميع. وهي الآن تلتجأ إلى دائرة أخرى؛ إنّها دائرة اللّاوعي والثقافة "المهمّشة" ثقافة "الأندجان" كما تسميها فرنسا. وتعبّر عنها بلغة الحداثة لمخاطبة ما تبقّى من الضمير الإنساني الحيّ. تصدر كاتبتنا بعض من الروايات ولعل أوّلها؛ رواية مرسديس 207 ورواية "فراولاند" ثمّ رواية "إبن الله". حازت على جائزة "لون الفن" بمناسبة إصدار الرواية الأولى من طرف جمعيّة "كيف كيف" سنة 2006. ثمّ جائزة "أحسن بداية أدبية" عن روايتها "أرض المرأة" ثم جائزة "الأدب الجديد" بهولندا عن روايتها "إبن الله".

في رواية " أرض النساء" تناقش الكاتبة و تنتقد الأحكام المسبّقة للريفيين حول أوروبا باعتبار هذه الأخيرة هي الحلم الموعود والمنقذ من عطالة الحياة، إنّهم يعتقدون بأنّ أوروبا تعطي الحقوق للمرأة أكثر ممّا تعطيه للرجل، فهم بمجرّد الوصول إليها سيفتقدون هويّتهم الذكورية وسلطتهم الأبويّة. هكذا على
الأقل يفكّرون دون سابق تعامل واحتكاك مع هذا الواقع.

"Cela illustre les préjugés que nous pouvons avoir les uns des autres " disait Rachida.

فبقدر ما تنتقد الحلقة الأولى من الذّ ات الأهليّة فهي بصيغة غير مباشرة تنتقد الأحكام الجاهزة للذّات الحداثية التي تعيش فيها.
من جهة هناك عبد القادر ومنير ويونس... الّذين يريدون العبور إلى الضفّة الأخرى؛ ومن جهة ثانية هناك الفتيات ذوي الأصول الريفية واللّواتي يزرن المغرب مرّة في العام وأثناء عطلة الصيف بالخصوص. هؤلاء الفتيات اللّواتي يطمحن إلى سعادة وحريّة بدون طابوهات الآباء والأجداد. وهذا هو حال الفتاة "مارا" الّتي كانت لها علاقات غرامية مع "يونس" وسرعان ما نسيت هذه العلاقات بمجرد عودتها إلى بلجيكا. لكن "مارا" الطموحة إلى حياة خاصة وأفضل سرعان ما تصطدمت بشعار الحرية الحداثية الزائفة. بعد خيبة أملها في الحزب السياسي الذي انخرطت فيه. "مارا" ستأتيهاهذه المرة رسالة من يونس وستقرر بعدها العودة إلى القرية المنحدرة منها. إنها العودة للبحث عن الذات وعن مكانها داخل هذا الوجود.

"Ze besluit om terug naar haar geboortedorp te gaan. Het wordt een zoektocht naar haar eigen identiteit, naar haar plaats in de wereld". Zoals spreekt Rachida.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح