المزيد من الأخبار






بُويْشَكْرَاذْ الذي أحبّه صغار الناظور مثلما كبارها.. فضّل المشي طوال سنوات حياته حافيَ القدميْن


بُويْشَكْرَاذْ الذي أحبّه صغار الناظور مثلما كبارها.. فضّل المشي طوال سنوات حياته حافيَ القدميْن
بدر أعراب

تعوّد قراء موقع "ناظورسيتي" من خلال ركن "وشم الذاكرة" الذي ندرجه بين الفينة والأخرى، على اِستحضار صدى ذكرى بعض الشخصيات التي أثّثت بحضورها مشهد مدينة الناظور، خلال سنوات خلت، وهي ليست بالضرورة ذائعة الصيت إنطلاقاً من مراكزها الإجتماعية أو الإعتبارية، وإنّما إكتسحت شهرتها بين الساكنة إنطلاقا من كونها وجوها مغمورةً في الأصل.

نستحضر اليوم في هذا السياق، أحد الوجوه المعروفة في الناظور، شخصٌ يعرفه القاصي والدّاني في أرجاء المدينة، يُدعى حسب ما اِشتهر به "بُويْشَكْراذْ" ولا تَعلم له الساكنة غير هذا اللقب سمياً، وجاءت هذه التسمية التي اُطلقت عليه من قِبل المشاكسين، نسبة إلى نُزُوعه الغريب وغير المفهوم، في المشيّ حافيَ القدميْن، بحيث كان يتعمد رميَ ما يجود به عليه الناس من أحذية مفضلاً المشيَ على قدميْن حافييْن خلافاً عن الجميع.

وبحسب بعض من كان يعرفه عن كثب، فإنّ صاحبنا كانت لديه مشكلة حقيقية في مقاسات الأحذية التي كانت لا تُلائم حجم قدميْه التي سرعان ما تُسبّب في تمزيق حذاءٍ يستلزم رحلة بحثٍ طويلة تُكلفه أشهر بحالها، إلى أن اِضطر للإستغاء عن النعل بالمرّة كحلٍّ واعتاد الترجّل من دونها.

"بُويْشَكْراذْ" الذي كان يشتغل عتّالاً لدى أرباب المتاجر وسط الناظور، لم يكن يدميه شيء في قدميْه العاريتيْن على الدوام، على مدار كلّ الفصول الأربعة حتى فصل الشتاء الذي تشتد فيه التساقطات المطرية مخلفة الأوحال وبرك المياه، بحيث لم يكن يكترث كثيراً لحالته الصحية، ومع ذلك كانت جيّدة وحديدية إذ أسعفته في اِمتهان الأشغال الشاقّة على مدى عمرٍ طويل.

ما لا ينبغي إغفاله هنا ونحن نتحدث عن الرجل الخدوم، الذي أحبّه صغار المدينة مثلما كبارها، هو كونه كان أيام زمان محط سخرية وتهكم الشباب خصوصا المشاكسين منهم، بحيث كان "بويشكراذ" تثور ثائرته كلّما نابزه أحدٌ بلقبه الذي كان يمقت مناداته به، ومتى ما تلقفت مسامعه اللقب إيّاه الذميم، اِستشاط غضبه وجنّ جنونه واضطر معها إلى التهديد والوعيد بأخذ الثأر لاحقاً، لكن ما شُوهد الرجل يوما وهو يعتدي على أحد بالضرب، لذلك ظلّ الجميع يكن له حبّا جمّا.. فرَحِمَ المولى الرجّل إذا وافته المنية، وأطال في عمره مديداً إذا كان ما يزال بين ظهرانينا على قيد الحياة حيّا يُرزق.



تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح